عثمان تزغارتأحد أكثر الكُتّاب الأوروبيين معاداةً لـ«ثقافة الهيمنة» الغربية. انتُخب في استفتاء أجرته مجلة Lire عام 1994 كـ«أكبر كاتب فرنسي على قيد الحياة». ويُعد أوّل فرنسي ينال «نوبل» منذ 1985، حين منحت الجائزة إلى رائد «الرواية الجديدة» كلود سيمون. وإن كان الأدب الفرنسي كوفئ ـ بصورة غير مباشرة ـ عبر منح «نوبل» 2000 إلى الروائي الصيني غاو غزينغ ـ جيان الذي يقيم في فرنسا ويكتب بلغتها. حاز جان ـ ماري غوستاف لو كليزيو الشهرة والنجاح دفعةً واحدةً فور صدور «المحضر». لكنّه اختار التغريد خارج السرب، فابتعد عن الإستبليشمنت الثقافي الرسمي الفرنسي، وخالف التيارات السائدة في الأدب الفرنسي المعاصر، وانتقد إغراقها في المحلية، ووقوعها في شرك النرجسية المتعالية عن الآداب واللغات الأخرى، واتخذ من السفر والانفتاح على الثقافات والشعوب المهشّمة مادة أعماله، ليبدع 50 عملاً بين الرواية والقصة والأبحاث الأنتروبولوجية المخصّصة للثقافات الهندية واللاتينية المجهولة والمهدّدة بالانقراض.
في بداياته، كان متأثراً بالمنحى التجريبي لـ «الرواية الجديدة» الفرنسية. وحملت أعماله حتى منتصف السبعينيات تأثيرات واضحة لاثنين من رواد هذا التوجّه: ميشال بيتور وجورج بيريك. ومن أشهر أعماله في تلك المرحلة: «الحمى» (1965)، «النشوة المادية» (1967)، «كتاب الهروب» (1969)، و«دروب الإبداع» (1971). في منتصف السبعينيات، ابتعد عن المنحى التجريبي إلى أسلوب أكثر سلاسة وبساطة، مغلّباً تيمات الدفاع عن الأقليات والثقافات المجهولة على هاجس الاشتغال على اللغة الذي طغى على أعمال مرحلته الأولى.
هذا التحوّل سمح له بالوصول إلى جمهور أوسع، عبر أعمال مستوحاة من عوالم ثقافية متعددة، ومن أشهرها «رحلات إلى الطرف الآخر» (1975)، «المجهول على الأرض» (1978)، «رحلة إلى بلد الأشجار» (1978).. ووصولاً إلى رائعته «صحراء» (1980) التي نال عنها جائزة «بول موران» التي تمنحها الأكاديمية الفرنسية. خلال السنة ذاتها، نشر «ثلاث مدن مقدّسة»، ثم أتبعها بـ«الرحلة التفقّدية وجرائم أخرى» (1982)، و«الباحث عن الذهب» (1985). وفي التسعينيات، نشر «نجمة تائهة» (1992)، «السمكة الذهبية» (1997) (صدرت بالعربية «سمكة من ذهب» عن وزارة الثقافة السورية). ومن آخر أعماله «الإفريقي» (2004)، «راجا: القارة المنسيّة» (2006)، و«موّال الجوع» (2008).