تغييرات عدّة تطال موسمه الجديد صباح أيّوب
أن تنطلق في آذار (مارس) عام 2007، وعلى قناة سياسية بامتياز، ببرنامج إعلامي بحت لا يتعاطى مع الأحداث السياسية سوى من زاوية صحافية، لهو ضرب من الجرأة والتحديث... هكذا ظهر برنامج «ترانزيت» (إعداد وتقديم نجاة شرف الدين) على قناة «المستقبل» منذ عام ونصف عام. واستمرّ في خضمّ طفرة البرامج السياسية، راسماً خطّه الإعلامي الحيادي، وفاتحاً فسحة أمل للصحافة وأهلها وللمشاهدين الذين ملّوا السياسة ومحلّليها... وها هو اليوم يستعدّ لإحداث بعض الإضافات في الشكل والمضمون.

«لا أنكر هامش المخاطرة الذي رافق ولادة البرنامج»، تعترف شرف الدين في حديث إلى «الأخبار». وتشير إلى أنّ فكرة «ترانزيت» كانت «حاضرة لديها منذ زمن. لكنها لم تتبلور إلا مع المنتج رولان بربر الذي ثبّت الأفكار وحدّد التفاصيل واختار الاسم». فلماذا أرادت «ابنة المستقبل» منذ خمس عشرة سنة، أن تجازف بإعداد برنامج بعيد كل البعد عما أراده الجمهور في تلك الفترة؟ «لم أشأ الانخراط في الجوّ الإعلامي المسيّس الذي اجتاح البلد منذ عام 2005»، توضح شارحة: «ابتعدَت البرامج التلفزيونية عن الموضوعية والمهنية، وبات الصحافي طرفاً سياسياً يفرض موقفه من القضايا والأحداث على المشاهدين».
من هنا، حلمت شرف الدين بأن تحوّل شاشتها الصغيرة إلى «نادٍ للصحافة العالمية والعربية» من خلال برنامجها. وقد واجهت بعض المشكلات في البداية لإقناع المحطة بأهمية البرنامج وضمان نجاحه، ولاحقاً مع إدارة القناة التي احتجّت في بعض الأحيان على مرور ضيوف معيّنين (مثل نورمان فلينكشتاين)، من دون أن تمنع ظهورهم. ولكن الحظّ وقف إلى جانب البرنامج من جهة أخرى، فالأوضاع السياسية الساخنة في لبنان، جعلت منه مقرّاً للصحافيين الأجانب، ما سهّل استضافة صحافي أجنبي على الأقلّ في كلّ حلقة. وعن هذه النقطة، تشير شرف الدين إلى مدى «حماسة الصحافيين الأجانب للمشاركة في البرنامج، ورغبتهم في مناقشة الأحداث من خلال تجربتهم الميدانية». وقد تجنّبت مقدّمة «ترانزيت» ومعدّته، قدر المستطاع، الوقوع في فخّ الصحافة الأجنبية وحساسية تعاطيها مع الأحداث، وخصوصاً اللبنانية منها. لذا، سعت إلى «درس» كل ضيف أجنبي قبل الموافقة على استضافته، مطّلعة بدقة على سيرته الذاتية والمهنية.
أما بالنسبة إلى الضيوف اللبنانيين، فقد لوحظ أنّ البرنامج استضاف وجوهاً، لا تظهر كثيراً على الشاشة الصغيرة: «ركّزتُ على المقال الجيّد والتحقيق الميداني اللافت في الصحف اللبنانية، واستضفت صحافيين من مختلف المؤسسات الإعلامية من دون تمييز أو حصر». وعندما شاهدَت شرف الدين حصيلة برنامجها في حلقات الـ Best Of الثلاث أخيراً، شعرت بالفخر وفوجئت بنوعية الضيوف الذين استطاعت استقدامهم إلى بلاتو برنامجها، وبمدى تنوّع المواضيع التي طرحتها على مدار السنة.
فما جديد «ترانزيت» لهذا الموسم؟ تكشف بحماسة عن إضافات كفقرة جديدة تتعلّق بالمدوّنات وعالم الصحافة الإلكترونية، إضافة إلى تكريس بعض الحلقات لاستضافة الكتّاب في الصفحات المتخصصة (اقتصاد، ثقافة، علوم...). كما ستباشر تجربة استقبال ضيفين (بدل ثلاثة ضيوف) «كي نعطي وقتاً أكثر لمداخلاتهم». أما الخطوة الكبرى التي ستنفّذ «إذا خُصّص لها ميزانية»، فهي نقل البرنامج إلى الخارج حيث تُخصَّص بعض حلقاته للتعرّف على صحف ومؤسسات عالمية عريقة كـ«التايمز» و«الغارديان» وغيرها... ولينقل «ترانزيت» أجواء بعض المطابخ الكبرى للأخبار العالمية التي شكّلت مدارس في الإعلام.
حتّى في الديكور، ستحصل بعض التعديلات «الطفيفة»، لأنني «سعيت منذ البداية إلى تبسيطه لإبراز الصور التي تمرّ أثناء الحلقة وللتركيز فقط على مضمون الحلقات أكثر من شكل الاستديو». وبالنسبة إلى فقرة «zapp it» التي تعرض بشريط سريع مقتطفات من مشاهد تلفزيونية لأحداث الأسبوع فهي باقية «لأنها تكرّس أهمية الصورة الخبرية». لم يكن «ترانزيت» إذاً مجرّد «مكان لالتقاء العابرين»، كما يشير إليه اسمه. إنما، بات محطّة أساسية ومرغوبة من المشاهدين... عسى أن تنتقل العدوى إلى البرامج المحلّية الأخرى.

كل أحد 21:30 على «أخبار المستقبل»


7 أيار الامتحان الأصعب

تعترف شرف الدين، بصراحة، بأنّ الامتحان الأكبر الذي خاضته أثناء تقديمها «ترانزيت» هو مواكبته أحداث 7 أيار الماضية. فالوضع السياسي الهائج كان قد اجتاح جميع ميادين الحياة، واحتلّ أغلب ساعات الهواء. ولكن برنامجها «نفد» من الأجواء المحمومة ومن فخّ السياسة المحلية الضيّقة «التي أحاول الابتعاد عنها قدر المستطاع». وبما أنّ المحطّة التي تنتمي إليها شرف الدين أقفلت في تلك الفترة، خصّص برنامج «ترانزيت» إحدى حلقاته للتضامن مع الاعتداء على الصحافيين «من دون تحميل أيّ من الأطراف المسؤولية»، مركّزاً على تلك المشكلة في إطارها الأكبر كوضع الصحافيين في العراق مثلاً. «تركتُ الحدث السياسي للبرامج الأخرى... أردت أن أبقى ميديا فقط»! تكرّر شرف الدين.
الامتحان الأصعب

نجاة شرف الدين


لماذا تجلسين هناك على كرسيّك الصغير ولا تستفيضين في محاورة الضيوف؟ تجيب: «لست محور الحلقة، بل ضيوفي هم الأهمّ. أريد أن أعطيهم الوقت الأكبر للإفادة من شهاداتهم وخبراتهم، وإخراج ما لديهم من معلومات وتفاصيل»