علي زراقطمنذ انطلاقته عام 2001، كان هدف مهرجان «أيام بيروت السينمائية» التعريف بالسينما العربية المستقلة وبالأعمال التي تعيش حالة حصار تفرض قطيعة بينها وبين الجمهور. أتى المهرجان ليقول إنّ الفيلم يجب أن يعيش في بيئته. لذلك «كان الإصرار على الأفلام المستقلة»، تقول إليان الراهب، المديرة الفنّية للمهرجان. المهرجان الذي تنظمه جمعية «بيروت دي سي» بإشراف هانيا مروة وإليان الراهب، يحتفل بسينما المؤلف في «أمبير صوفيل» بين 17 و26 الحالي عبر عرض أكثر من 60 فيلماً من لبنان والعالم، إضافة إلى الأنشطة الموازية.
في بلد مثل لبنان، حيث يُنظر إلى السينما على أنّها نوع من الرفاهية، يمكن أن نرى في «أيام بيروت» مغامرةً جميلةً، تعمل على جمع المخرجين وصنّاع السينما في لبنان والعالم العربي على مشروع «سينما المؤلف». هذه السينما التي ترى دورها في بناء خطاب سمعي ــــ بصري ملتزم بجودته الفنية. تقول إليان الراهب: «نحن نعيش في وضع سياسي صعب يجعلنا ننسى أنّ للثقافة دوراً، ويأتي تبنّي المهرجان لسينما المؤلف، أي السينما ذات الأبعاد الفنية، ليؤكد أنّ السينما هي وسيلة للتغيير. فيلم المؤلف هو فيلم جدي يجعل المجتمع يرى نفسه على حقيقته».
أكثر من 50 ضيفاً هذا العام في بيروت، بين مخرج وناقد وممثل. ويحل السينمائي التونسي عبد اللطيف قشيش ضيفاً عبر عروض استعادية لثلاثة أعمال له. كذلك تحل النجمة الفرنسية كاترين دونوف ضيفةً لتتحدث عن تجربتها في شريط الثنائي جوانا حاجي ـــــ توما وخليل جريج «بدي شوف» الذي أدّت فيه دوراً مع ربيع مروة مباشرة بعد حرب تموز 2006. (تبدأ العروض التجاريّة للفيلم في الصالات اللبنانية في 30 الحالي).
هذه دورة من المهرجان الذي ينظم كلّ سنتين، قد لا تكون الأكبر من حيث عدد الأفلام، إلا أنّها الأغنى والأكثر تنوعاً. إذ يؤكد منظمو المهرجان أنّهم أصروا على أن يكون الاختيار صارماً لجهة الالتزام بمعايير الجودة الفنية والاحتراف. ويبدو هذا جلياً في اختيارهم للأفلام التي شارك معظمها في مهرجانات عالمية مثل «ملح هذا البحر» لآن ماري جاسر («نظرة ما» في «مهرجان كان»)، «جنينة الأسماك» ليسري نصر الله (برلين)، و«خارج التغطية» للسوري عبد اللطيف عبد الحميد (دبي)، والفيلم المصري «عين شمس» لإبراهيم بطوط. وننتظر فيلمين قصيرين لبنانيين ليعرضا للمرة الأولى في لبنان هما «طريق إلى الشمال» لكارلوس شاهين، و«العتبة» (Both) لباسم بريش («أسبوع النقاد» في «كان» 2007).
قد تكون النقطة الأهم في هذه الدورة هي إعلان إنشاء صندوق دعم سينمائي، عبر تخصيص ثلث عائدات عروض المهرجان لدعم مشروع فيلم لبناني طويل. قد لا يكون المبلغ كبيراً أو مؤثراً في عملية الإنتاج، إلا أنّ المبادرة تأتي من باب التذكير بدور الدولة في إنشاء هذا النوع من المشاريع.
إذاً، تعود بيروت إلى أيامها السينمائية حاملة الكثير من الأسئلة عن دور السينمائيين في المجتمع، ورهاناً على سينما المؤلف، الوحيدة القادرة على بناء حركة سينمائيّة حقيقية في لبنان والعالم العربي، ومساحة للتواصل والنقاش بين المبدعين والجمهور.


بين17 و26 ت1 (أكتوبر) الجاري ــــ «أمبير صوفيل» (الأشرفية): 01/293212 ــ www.beirutdc.org