«قاتل ميكي ماوس» يثير الضجّة من جديد محمد عبد الرحمن
حتى الآن، لا دليل واضحاً على الفتوى التي نُشرت عبر مواقع إخبارية ومنتديات مختلفة، يحذّر خلالها الشيخ محمد صالح المنجد مشاهدي فضائية «المجد»، من متابعة قنوات، «تدسُّ السمَ في العسل، وتقدّم تصوراً هشاً عن الإسلام الملتزم، وتستخدم منهجاً غير قويم». وهي إشارة واضحة إلى قناة «الرسالة»، وخصوصاً أن الفتوى المتداولة عبر منتديات إسلامية على شبكة الإنترنت، أكدت أن «الرسالة» لا يمكن أن تصبح «محل ثقة المسلم الحقيقي، وهي مموّلة من المصدر نفسه الذي يمول قنوات «روتانا» و«LBC» (أي الوليد بن طلال). والشيخ محمد صالح المنجد الذي كان مشغولاً بالدفاع عن نفسه في ما يخصّ فتوى ثانية عن قتل «ميكي ماوس»... لم يصدر أي تعليق بخصوص الفتوى الأولى.
وسط كل ذلك، أصبح ثابتاً أن الصراع بين شيوخ الفضائيات لم يعد محصوراً في محاولة كلّ منهم تعزيز حضور الفضائية التي ينتمي إلى فكرها ويطل عبرها، ذلك أن شكل المنافسة يتغير كل يوم، فيما أسهُم المنافسين ترتفع وتهبط بشكل غير متوقّع. وعلى سبيل المثال، فإن عمرو خالد الذي هوجم كثيراً من جانب شيوخ التيار السلفي، نجح أخيراً في استعادة جزء من مكانته السابقة مع برنامج «قصص القرآن»، الذي عرض على ثلاث قنوات فضائية دفعة واحدة في رمضان، وهو ما لم يحظَ به أي برنامج ديني آخر. في الوقت نفسه، باتت أسماء شهيرة في هذا المجال، تملك نوافذ عدة لتطل عبرها على الجمهور، بخلاف الماضي القريب. وها هم شيوخ مثل عائض القرني وسلمان العودة وعمر عبد الكافي يتعاملون مع فضائيتين على أقل تقدير. أما بالنسبة إلى الداعيات، فلا أحد يضاهي سعاد صالح شهرةً، وهي التي تطلّ ضيفة على عشرات البرامج. بينما لاقت عبلة الكحلاوي تقديراً استثنائياً من جانب قناة «الحياة» التي وافقت على نقل وحدات التصوير إلى منزل الكحلاوي بسبب أزمتها الصحية.
كل هذا الاهتمام من جانب المحطّات العامة بالبرامج الدينية، دفع القنوات الدينية المتخصصة إلى مراجعة الحسابات. فقناة مثل «المجد» كانت قبل ثلاث سنوات الاسم الأبرز في سماء القنوات الدينية، مع منافسة هادئة من «اقرأ». وسرعان ما توسّعت «المجد»، وتفرّع منها «المجد للأطفال» و«المجد للقرآن الكريم»... لكن المبادئ التي تتمسك بها القناة، تأثرت بشدة مع بروز «الرسالة» التي سمحت بظهور المرأة على شاشاتها (بخلاف «المجد»). ثم تفاقمت أزمة هذه الفضائية مع ظهور قنوات سلفية مصرية جذبت جمهوراً كبيراً، كان يجد في «المجد» نموذجاً للشاشة الملتزمة... ولكن لماذا يصل الأمر إلى إصدار «فتوى بعدم مشاهدة الرسالة»؟ يعتبر متابعون أن بعض هؤلاء الشيوخ لا يعترفون بالرأي الآخر، لذا، لا يجدون مانعاً من توجيه سهام النقد إلى أيِّ قناة «معادية»، حتى لو كانت إسلامية.
إلا أن «الرسالة» لم تنتظر تأكيد الفتوى المزعومة، فقررت من جانبها الردّ بشكل مستتر على الانتقادات الموجّهة إليها عبر المنتديات. وهي انتقادات لم تتوقّف منذ انطلاق القناة، على رغم أنها عادت وابتعدت عن الاستعانة بالفنانات المحجبات بعد أقل من عام على انطلاقتها. وقد وصلت الانتقادات إلى حد الكتابة ضد برنامج «خواطر» لأحمد الشقيري لأنه يستضيف فتيات، حتى لو كان حضورهن يخدم موضوع الحلقة.
أما ردّ «الرسالة» فتمثَّل في مفاجأة لم تخطر على بال المتابعين لهذه السوق الكبيرة: لقد استعانت الفضائية «الوسطية» بكل من محمد حسان ومحمد حسين يعقوب ــ أبرز دعاة السلفية على الساحة الفضائية ــ لتقديم برنامج «مفاتيح الخير». وذلك، على الرغم من أن القناة واجهت انتقادات سابقة بسبب ظهور الشيخ السلفي محمود المصري على شاشتها، وعلى الرغم أيضاً من أن حسان ويعقوب قاطعا تلفزيون «الناس» لأن عمرو خالد ظهر عليه... لكن «الرسالة» نجحت في جمع كل الفرقاء على شاشة واحدة، لتقطع الطريق على أي انتقادات، وترضي أصحاب الفكر الملتزم، والمطالبين بالاعتدال في الوقت نفسه... وهكذا ينتظر الجمهور كيف ستنتهي هذه الجولة من المعركة الفضائية الدينية، وكيف ستستمر المفاجآت، وأي فتاوى جديدة سيطالعنا بها الشيوخ هذه المرة.


موسم المشعوذين

بما أنه موسم الفتاوى الساخنة الآتية من علماء السعودية، لم تكد فتوى اللحيدان بـ«قتل أصحاب الفضائيات التي تنشر الفساد» تهدأ... حتى ظهرت فتوى أخرى للشيخ صالح الفوزان، قال فيها ـــــ معقباً على فتوى اللحيدان ـــــ إنَّ مقدمي برامج الشعوذة والجدل على الفضائيات يستحقون عقوبة القتل. وذلك لأنهم «مفسدون في الأرض»، وعلى الدولة تعقب هؤلاء المشعوذين أينما كان مكانهم، وعدم الاكتفاء بالقبض على من يمارسون الدجل في بيوتهم فقط». ورأى الفوزان أن «دجالي الفضائيات» هم الأخطر والأكثر فساداً. وكانت الأقمار الصناعية العربية «نايل سات و«عرب سات» قد سحبت سابقاً تراخيص بعض القنوات التي تعتمد على قراءة الكف والطالع، وتتلقى اتصالات المشاهدين لمعرفة مصائرهم عبر الفلك والنجوم.


«ميكي» ليس في خطر!