«بعد غياب 30 عاماً، فيروز تعود لتغني في الجزائر». عنوان تنقّل بين الصحف والمواقع العربية محتفياً بما اتضح لاحقاً أنّه عارٍ من الصحة. مصدر هذا الخبر كان صحيفة «الوطن» الجزائرية التي نشرته يوم الجمعة الماضي. نقلت الصحيفة الناطقة بالفرنسية عن محافظ تظاهرة «قسنطينة عاصمة للثقافة العربية 2015» سامي بن الشيخ الحسين أنّ فيروز ستحلّ على الجزائر في شهر نيسان (أبريل)، لتحيي ثلاث أمسيات: واحدة في العاصمة، والثانية في مدينة قسنطينة (شرق الجزائر)، والثالثة «لم يعلن عنها بعد» والمرجح أن تكون وهران ضمن فعاليات «قسنطينة عاصمة الثقافة العربية». بعد هذا الخبر، بدأت التحليلات والمقالات التي تتحدث عن أهمية هذا الحدث بعد سنوات من الغياب، وتأثيره في العلاقات اللبنانية الجزائرية، خصوصاً أنّ فيروز قدّمت لبلد المليون ونصف مليون شهيد أغنية «صديقتي جميلة» التي تحولت لاحقاً الى نشيد ثوري على جميع الألسن (راجع الكادر). وجاء في الخبر أيضاً أنّ طائرة خاصة ستقلّ فيروز إلى هناك، حيث ستستقبلها «جماهير غفيرة» آتية من تونس وباقي المدن الجزائرية لسماع صاحبة «صاحبة الصوت الملائكي». ومع كل هذه الأخبار، بقي التحفط على «المبلغ الذي ستتقاضاه السيدة فيروز مقابل إحيائها للحفلات الثلاث».

طبعاً مع كل هذه الحماسة والشوق لأن تطأ قدما فيروز أرض الجزائر، سرعان ما تبين أن كل ما جرى تداوله ونشره غير صحيح ولا يمت إلى الحقيقة بصلة. ريما الرحباني ابنة فيروز كذّبت على صفحتها الفايسبوكية الخبر أول من أمس. محامي فيروز فوزي مطران نفى بدوره لـ»الأخبار» صحة ما تداوله الإعلام، وأكد عدم حصول «أي اتصال من أي نوع في هذا الخصوص». وتمنى نشر النفي منعاً «لتفاقم الشائعة». ورغم هذا النفي الذي أتى من مصدرين موثقين ومقربين من فيروز، إلا أن خبر الحفلات الثلاث في الجزائر ما زال يتداول بكثافة وسرعة هائلتين حتى لحظة كتابة هذه السطور. وأمس، نشرت صحيفة «الوطن» الجزائرية أنّ المقربين من الديفا ينفون ما روّجت له الأمانة العامة لحدث «قسنطينة عاصمة للثقافة العربية لعام 2015». ونشرت الصحيفة المقطع الصوتي لمحافظ تظاهرة «قسنطينة عاصمة للثقافة العربية 2015» سامي بن الشيخ الحسين، الذي كان قد أكّد للجريدة موعد الحفلات الثلاث. ونُشر هذا المقطع بحسب تبرير الصحيفة بعدما رفض الأخير إيضاح اللغط الحاصل.




صديقتي جميلة

في عام 1962 خاطبت فيروز المناضلة الجزائرية الكبيرة جميلة بوحيرد وغنت لها «صديقتي جميلة» (كلمات الأخوين الرحباني). ارسلت للبطلة الجزائرية التحايا حيث هي «في السجن، في العذاب» وسمتها «وردة الجزائر». بوحيرد صاحبة «اللفتة النحيلة» كما تقول كلمات الأغنية استطاعت أن «تلفح كالإعصار كالبطولة». غنت صاحبة الصوت الملائكي الثورة الجزائرية ضد المحتل الفرنسي، وغازلت بلد المليون ونصف مليون شهيد وثواره الآتين من «معابر الزيتون» الذين «يحلمون بالعدل والسلام «. أغنية تحولت الى نشيد ثوري تداولته ألسن الثائرين ضد المحتلّ أينما كان، وكانت مشعلاً بأيديهم لينشدوا حرية شعوبهم التي «تطمح بالحياة، بالسلام وتلوّح بالأعلام».