strong> نوال العليالفوضى التي حدثت أخيراً على مسرح «مونو» الصغير مقصودة. وإقامة العرض الذي يستمر حتى 26 تشرين الأول (أكتوبر) على تلك الخشبة الضيّقة والقريبة من الجمهور أمر مقصود كذلك. فمسرحية «شارون وحماتي» المقتبسة عن كتاب سعاد العامري الذي يحمل العنوان نفسه تحكي عن الضيق. ضيق الحياة تحت حظر التجول الذي فرضه شارون على رام الله 2002، كأنّ الاحتلال وحده لا يكفي.
تلجأ المسرحية إلى الكوميديا السوداء محافظةً على الروح التي كتب بها عمل «شارون وحماتي». ويعتمد المخرج حسن برايسلر الفوضى وأصوات الممثّلين العالية وتداخل الأساليب بين مخاطبة مباشرة للجمهور ووجود سارد أحياناً، أو تمثيل المشاهد من بطولة عفاف الشوّا بيبي التي تقدّم شخصيّة سعاد العامري، فيما تتبدّل أدوار الممثّلين المشاركين بين شخصيات عدة يقتضيها النص. شادي طارق (دوره الأساسي كان سليم زوج سعاد) كارول عمّون (أدوار عدة منها رامي الفلسطيني الواشي) وليال غانم (أدوار عدة أهمها حماة سعاد). وباستخدام أكسسوارات بسيطة يمكن أن يجسّد الممثّل مارك أيفازيان مثلاً دور والدة سعاد بمجرد أن يضع شالاً صوفياً على كتفيه. وقد كان في مشهد سابق المحقق الإسرائيلي الذي يعتمر القبعة العسكرية.
ومن أهم اللقطات المسرحية التي قدّمتها الشوّا مشهد كلبة سعاد التي تحصل على هوية مقدسيّة تمكِّن العامري، التي تعيش بتصريح إقامة موقت، من دخول القدس بصفتها سائقة الكلبة. أو انهيار العامري في مكتب المحقق باكية بهدف الحصول على هوية طال انتظارها، وهو المشهد الذي اتضحت فيه حقاً قدرات الشوّا كممثّلة تتنقّل بين لحظة وأخرى من حالة الغضب والحزن والتوسّل والثورة إلى الهدوء.
الديكور والإضاءة تميّزا بالبساطة، الباب الذي تفتحه الشوّا لدى دخولها أول العرض تخرج منه لدى نهايته، هناك مقعد وطاولة صغيرة وكتب متراصّة على شكل متاريس أسفلها، إضافة إلى آلة كاتبة. أما الإضاءة فمسلّطة غالباً على المكتب وتتحرك مع حركة الممثّلين. وقد يصبح المسرح مُظلِماً تماماً ويستخدم الممثّلون كشافات صغيرة تخدم حركاتهم.
وعلى الرغم من أنّ المسرحية (إنتاج باسم بيبي) قدّمت أجواء الكتاب كما وصفتها العامري حقاً، لا ندري إن كان هذا ميزة في الكتاب أو عيباً في المسرحية. كما أنّ المتعة والدهشة نابعتان من مضمون الحوار والمفارقات التي تحدث، أكثر من الشغل المسرحي نفسه. لقد نقلت المشاهد كما هي تقريباً، وربما كانت بحاجة إلى مزيد من المسرحة. ومع أن الشوّا تبيّن أن هيكيلية المسرح تختلف عن هيكلية الرواية، إلاّ أنّ هذا الوعي لم يتجسّد بقوة على الخشبة، فيما خلا ما يخصّ انتقاء ما يصلح للعرض على الجمهور من الكتاب.


حتى 26 ت1 (أكتوبر) الحالي ـــ مسرح «مونو» ــــ للاستعلام: 01/202422