حضر الكلّ: الوزير طارق متري ورئيس المجلس الوطني للإعلام عبد الهادي محفوظ، ونجاة شرف الدين وندى إندراوس وعباس ضاهر وعبد الله شمس الدين وكرمى خياط... تحدثوا عن كل شيء، ونسوا الإعلام!
ليال حداد
أرادت شيرلي المرّ في حلقة أول من أمس من برنامج «فكّر مرتين» على OTV، أن تتوقف عند حرية الإعلام. وأرادت أيضاً أن تناقش تجربة إعلاميين من مختلف الوسائل المرئية ونظرتهم إلى الحرية الإعلامية... لكن الحلقة التي حشدت وجوهاً إعلامية عدة، اتّخذت منحىً آخر. ما حوّل البرنامج إلى منبر لكلٍّ من وزير الإعلام طارق متري، ورئيس المجلس الوطني للإعلام عبد الهادي محفوظ. ورغم أن المرّ استضافت أصحاب تجارب من الإعلاميين اللبنانيين، كانت حصّتهم من الكلام ضئيلة.
بدأت الحلقة بريبورتاج عن قمع المحطات التلفزيونية منذ عام 1990 حتى اليوم. والتقرير الذي كان من المفترض أن يكون شاملاً، ذكَر فقط خمسة أحداث هي: قرار مجلس الوزراء الصادر عام 1994 والقاضي بوقف نشرات الأخبار والبرامج السياسية، ومنع مقابلة العماد ميشال عون عام 1997 على شاشة mtv، إضافة إلى إقفال هذه الأخيرة عام 2002، ثم ترحيل الإعلامية في قناة «الجديد» داليا أحمد عام 2003، وأخيراً الحكم القضائي الصادر قبل أسابيع ضدّ «الجديد».
كان التقرير ناقصاً بشكل فاضح، وخصوصاً تغييب إقفال «المستقبل» في أحداث أيار الأخيرة. أما السبب، فـ«لأنها أقفلت نتيجة احتجاج شعبي»!، كما ردّت شيرلي المرّ على اعتراض نجاة شرف الدين («المستقبل»).
أما رئيس التحرير في قناة «المنار» عبد الله شمس الدين، فبدا موقفه سياسياً أكثر منه إعلامياً. إذ تساءل عن السبب الذي دفع بالموظفين إلى مغادرة مبنى «المستقبل» عندما دخله المسلحون، فيما «نحن، يوم قُصفت «المنار» لم نغادرها... ومع ذلك، فإن آلة واحدة من تلفزيون «المستقبل» لم تمسّ، بل عمد المسلحون إلى حمايتها». لكن يبدو أن شمس الدين نسيَ مشهد الدخان المتصاعد من مبنى التلفزيون في الروشة، بعد حرقه من بعض المسلّحين.
كذلك حاولت ندى إندراوس عزيز (LBC)، الدفاع عن بعض «هفوات» المحطة، مثل تصوير «جريمة الأونيسكو» في تموز (يوليو) 2002 على أنّها جريمة طائفية: «فنحن لم نقم سوى بنقل بريء للوقائع». وهذا النقل «البريء» ـ برأيها ـ انسحب أيضاً على أحداث مار مخايل، «ومن يخطئ من المراسلين هناك مجلس إدارة يحاسبه». علماً أنّنا لم نسمع يوماً عن أي محاسبات بهذا الخصوص.
أمّا كرمى خياط («الجديد»)، فحضرت لمواجهة وزير الإعلام الذي لم يقل حتى الساعة شيئاً عن «الجديد». وعلى رغم أنّ الوزير وعَدها هنا، بالتطرّق إلى ملف «الجديد» والحكم القضائي ضدّه، انتهت الحلقة ولم يتحدث متري في الموضوع. وكان لافتاً تشديده أكثر من مرّة على أنّ حديثه موّجه إلى المرّ، دون غيرها من الحاضرين! فبدا كأنه يتجنّب مواجهة بقية الإعلاميين.
هكذا تمترس كل صحافي خلف وسيلته الإعلامية مدافعاً عن أخطائها، ومبرراً الانحياز وتحوير الحقائق في كثير من الأحيان... باستثناء عباس ضاهر (nbn) الذي دعا إلى «الارتقاء إلى أجواء المصالحة». وكان ضاهر الوحيد الذي ذكَّر بالقمع الذي عاناه الإعلام المكتوب منذ أربعينيات القرن الماضي حتى عمليات الاغتيال الأخيرة.
وعلى رغم هذا الاختلاف بين رؤى الإعلاميين، اتفقوا جميعاً على أمور عدة، منها أنّه «لا موضوعية في لبنان»، وأنّ كل وسيلة إعلامية تابعة لجهة سياسية معيّنة وتعبّر عن رأي هذه الجهة... باستثناء «الجديد»، «ولو كانت المحطة المعنيّة بالدعوى القضائية الأخيرة هي «المنار» أو «المستقبل» لما كان حدث ما حدث. إلا أنّ مشكلة «الجديد» تكمن في أنّها غير مدعومة من أي طرف سياسي» قال محفوظ. فابتسمت له خياط راضيةً. ولم يمنع هذا الاعتراف، محفوظ من التذكير بقوانين الإعلام اللبناني التي تنصّ على معاقبة كل وسيلة إعلامية تحرّض أو تبثّ أخباراً كاذبة: «نحن نهدّم إعلامنا باسم الحرية، وفي لبنان الإعلام طوائفي».
هكذا انتهت الحلقة كما بدأت، من دون أن يناقش الحاضرون القضايا الجوهرية، ولا الحلول المفترضة لتحييد الإعلام عن الصراعات السياسية. ومن دون أن يتمكّنوا من التعبير عن رأيهم بسبب ضيق الوقت. ببساطة، لم تقدّم جلسة «فكر مرتين» أي جديد في موضوع «حرية الإعلام»، إذ تشابهت مع غيرها من الحلقات والندوات التي تُعالِج القضية نفسها.