مع طقسٍ اقترب من البرودة، ووسط تصفيقٍ لم يتوقف، كان الموعد استثنائياً مع جوليا بطرس في سوريا... حفلتان قدمت خلالهما جديدها وقديمها، وظلَّ الجمهور يردد معها: «نقاوم»!
منار ديب
بعد أمسيتي بيروت في 17 و18 الحالي، أحيت المغنية اللبنانية جوليا بطرس حفلتين في قلعة دمشق أمس وأول من أمس، بدعوة من الأمانة العامة لاحتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية 2008. وحملت الحفلتان عنوان «شمس الحق... تُشرق في قلعة دمشق»، تيمنّاً بأغنيتها «غابت شمس الحق». قبل يومين من الحفلة الأولى، كانت البطاقات قد نَفدت. وقف طلاب أمام مبنى احتفالية دمشق يندبون حظهم، وهم يناقشون الموظف على الباب، فيما عُلِّقت لوحة تشير إلى نفادها. الأسعار كانت مناسبة للشباب فلم تتجاوز 10 دولارات (500 ليرة سورية). لوحات إعلانية ظهرت في الشوراع، لكن لم يكن هناك الكثير من الصخب كما في نشاطات فنية سابقة للاحتفالية كمسرحية «صح النوم» لفيروز مطلع العام، وحفلات زياد رحباني الخمس في آب (أغسطس) الماضي.
إلا أن المشهد في القلعة وقبل بدء الحفلة بأكثر من ساعة فاق التوقعات. إذ امتلأت الخمسة آلاف كرسي فوراً، مع أن الكثيرين ممن اشتروا بطاقات، اضطروا للوقوف. ومع اقتراب انطلاق الحفلة، كان حشد بشري هائل يملأ المكان. وقد ازدادت الأعداد مع السماح بدخول الناس مجاناً خلال الحفلة.
التفاعل مع جوليا لم يكن بعدد الحضور فحسب، بل في حال الانفعال التي عاشها المكان، وسط طقس اقترب من البرودة، غطت عليها سخونة الأحاسيس والحماسة والتصفيق الذي لم يتوقف... هو سر جوليا التي استطاعت أن تجذب جمهوراً عريضاً وتتحكم به، معظمه من الشباب. وهي تستطيع أن تجد مفاتيح لقلب أي مستمع، عبر صوت جميل وأداء محترف وعيش للحالة مع الجمهور.
قدمت في قلعة دمشق أغنيات قديمة وجديدة مثل «متل الكذبة» و«يا قصص» و«متل ما قلتلك» و«على شو» و«شي غريب» و«ما عم بفهم عربي» و«نقاوم» و«لا بأحلامك» و«نحن الثورة والغضب» و«أنا بتنفس حرية» و«خلص انتهينا» و«انتصر لبنان». وحين همت بالمغادرة معلنةً إنهاء الحفلة، طالبها الجمهور الذي وقف يصفق بـ«أحبائي» فعادت، وغنتها والجمهور يرددها معها، فيما كانت الشاشة العملاقة خلفها تعرض كليب الأغنية. مغادرة ثانية للخشبة تقوم بها جوليا، لكنها تعود وتقدم «أحبائي» مرة أخرى، فيما كان بين الحشود من يلوّح بكوفية فلسطينية، أو علم لبناني، أو علم حزب الله، وأعلام قومية سورية. الحضور أصروا أخيراً على «شمس الحق» التي وافقت على غنائها سولو من دون آلات لأنها غير محضرة، وارتفعت الأصوات من الناس أوضح هذه المرة «بنرفض نحن نموت». وقبل الحفلة، كانت جوليا قد زارت الرئيس السوري بشار الأسد.