ماذا يفعل باراك أوباما على غلاف مجلّة Ok!؟ ولماذا باتت سارة بالين تنافس أنجلينا جولي؟ وكيف يتلقّى القارئ كل هذا «الغزو» السياسي للصحف والمطبوعات الشعبية؟
صباح أيوب
نيكولا ساركوزي وكارلا بروني ورشيدة داتي وباراك أوباما وسارة بالين... لا يكاد يخلو غلاف أيّ مجلة أوروبية أو أميركية من صورة لأحد هؤلاء «النجوم» منذ أشهر. تحوّلت هذه الشخصيات السياسية إلى أبطال يوميّات الصحف والمجلات الأجنبية. فورة صور وأخبار و«ثرثرة» إعلامية وتفاصيل شخصية تنشر على صفحات المجلات والمواقع الإلكترونية بطريقة مكثّفة. وقد تحوَّلت الحملات الانتخابية، مصدرَ فضائح وسلسلة من التشويق والترويج. أما الأخبار العائلية والشخصية للوزراء والنواب، فباتت مواضيع أساسية، تسبق أحياناً مشاريعهم وخطابهم السياسي. قد يكون الأمر مبرراً بالنسبة إلى المطبوعات السياسية، وخصوصاً أن هذه الشخصيات هي من تصنع القرار اليوم. ولكن، ماذا يفعل المرشح الديموقراطي للرئاسة الأميركية باراك أوباما على غلاف مجلّة Ok! المخصصة لنجوم الموسيقى والسينما الصاعدين؟ ولماذا باتت صورة المرشحة لمنصب نائب الرئيس الأميركي سارة بالين مألوفة أكثر من الممثلة السينمائية أنجلينا جولي على أغلفة المجلات الشعبية؟ لماذا ينتقد الإعلام الفرنسي ظاهرة «الرئيس النجم» الخاصة بساركوزي من جهة، فيما المؤسسات الإعلامية جميعها تتابع أخباره وأخبار زوجته كل يوم من جهة أخرى؟
اجتاح أبطال السياسة الغربية كل الساحات الإعلامية، بصورة لم يسبق لها مثيل في تاريخ الصحافة المكتوبة... فهل هي عولمة جديدة تبلغ المطبوعات، كاسرةً حاجز التصنيف؟ أم أنه دليل واضح على حاجة السياسيين إلى الصحافة والإعلام المكتوب، سياسياً كان أو فضائحياً؟
الأجوبة عن كل ذلك واضحة، وهي في متناول القرّاء يوميّاً. فأوباما على غلاف مجلة «فوغ» لأزياء الرجال، أما زوجته وأولاده، فهم على صفحات US الفنّية، وبالين تشاركه غلاف عدد خاص من مجلة OK! الموجهة إلى المراهقين، (في ظاهرة هي الأولى من نوعها في تاريخ المجلة). أما خبر حمل وزيرة العدل الفرنسية، رشيدة داتي، فيتصدّر كل الأخبار في الإعلام الفرنسي... وهذا ليس كل شيء، فـ«مصمم أزياء بالين يتقاضى أكثر من مستشار السياسة الخارجية لدى المرشح الرئاسي جون ماكين» هو عنوان أساسي في صحيفة يومية بريطانية، و«لماذا يحب أوباما زوجته؟» كان غلاف إحدى مجلات النجوم الأميركية، إلى جانب خبر عن أنجلينا جولي وآخر عن مايكل جاكسون... وأصبح «ماذا يروي أوباما لأولاده من قصص في الليل» خبراً، تداولته وكالات الأنباء الأجنبية بعد حلقة تلفزيونية مع عائلة المرشّح الرئاسي، وهناك خبر آخر عن حمل ابنة بالين في مجلة «ستارز»...
وأسهمت المواقع الإلكترونية كـ «يوتيوب» و «فايسبوك» في نشر تلك الظاهرة، فخُصِّصَت مجموعات للدفاع عن رشيدة داتي مثلاً، وأخرى مطالبة باستقالتها كما يغصّ «يوتيوب» بأشرطة مصوّرة عن محطات حملات أوباما، وفيديو كليبات مؤيدة له أو لبالين.
انتقلت هوليوود إلى البيت الأبيض إذاً، والرئيس الفرنسي حطّم الرقم القياسي بالإطلالات الإعلامية. بعضهم عدّ هذه الظاهرة دليلاً واضحاً على إفلاس في الخطاب السياسي، وحاجة السياسيين إلى الأضواء والاستعراض لملء الفراغ. فيما أشار بعضهم الآخر إلى تدنّي مستوى الجدية والذكاء في تعاطي الإعلام مع القضايا السياسية... وفي كلتا الحالتين، يبقى القارئ هو المتلقّي السلبي، فهل سنتوقّف قريباً عن قراءة الصحف؟