معارك كلامية وتصريحات ناريّة واتهامات متبادلة... هذه هي الحال اليوم بين النجوم المصريين وبعض الصحف والمجلات: فلماذا لا يتقبّل الفنانون النقد؟ وما الذي دفع بيسرا وخالد صالح وداليا البحيري وشيرين عادل إلى شنّ هجوم عشوائي على الصحافيين؟
محمد عبد الرحمن
انتهت مسلسلات رمضان، وبقيت الضجة مستمرة... وإذا كانت معظم الصحف المصرية ما زالت حتى اليوم تناقش المستوى الضعيف لبعض الأعمال الدرامية التي قدِّمت هذا الموسم، فإن رفض النجوم للانتقادات، قد ولّدَ شرخاً بين الفنانين وبعض الصحافيين.
والبداية مع نور الشريف الذي ظلّ يدافع عن مسلسل «الدالي»، ويردّ على الانتقادات الموجهة إلى الجزء الثاني بأن على النقاد والجمهور الانتظار حتى نهاية الأحداث. لكن موقفه اختلف بعد عرض الحلقات الأخيرة، إذ اعترف بطريقة غير مباشرة بأنه غير راضٍ عن العمل، وخصوصاً عندما رفض انطلاق تصوير الجزء الثالث قبل قراءة الحلقات كاملة، وعندما وقّع عقد بطولة مسلسل «أبو الحسن الشاذلي». من جهتها، أكدت هند صبري، وهي المعروفة لدى الصحافيين بحرصها على اختيار كلماتها بعناية، أنها راضية عن مسلسل «بعد الفراق» بنسبة 60 في المئة، من دون أن توضح سبب عدم رضاها الكامل عن العمل. وكلام صبري جاء متناغماً مع الانتقادات التي وُجِّهَت إلى «بعد الفراق» في الصحف، وخصوصاً في ما يتعلّق بشخصية الصحافي يوسف الصياد التي أدّاها خالد صالح.
لكن اعترافات الشريف وصبري بأن الحظ لم يحالف أعمالهما الأخيرة، لا تعني أبداً أن بقية النجوم يعترفون بالهزيمة. وإذا كان يحيى الفخراني قد أكد قبل سنوات أنه فشل في إنقاذ مسلسل «المرسى والبحار» من الغرق، لكونه وافق على بدء التصوير قبل استكمال كتابة الحلقات... ها هي يسرا تخرج اليوم لتؤكد في مقابلات صحافية أنها كانت تعرف ـــ منذ أن قررت تصوير مسلسها الأخير «في إيد أمينة» ـــ أنها ستهاجَم. والسبب؟ أن هناك مَن لا يريد ظهور الشخصيات المثالية على الشاشة الصغيرة! وبهذا التصريح، أقفلت الفنانة المخضرمة الباب على أيّ انتقادات تتوقف عند عدم البناء الجيّد للشخصيات، وعدم الإحاطة بشكل كافٍ بعالم الصحافة التي كانت الممثلة المصرية أحد أبطاله في المسلسل. وليس هذا فحسب، بل إن يسرا تطالب الصحافيين بعدم التعليق على المشاهد التي صوِّرت داخل الاستديو، على اعتبار أنها نفّذت في الشوارع... وغيرها من الأخطاء البارزة لأيّ متفرج، لا ناقد. وذلك لأن تصريحها يؤكد أن أي هجوم على «في إيد أمينة»، هو فقط لغاية في نفس يعقوب.
أما خالد صالح الذي حقق شعبية قياسية في فترة لا تزيد على خمس سنوات، فلم يتحمل كل هذا الكم من الانتقادات التي وُجِّهَت إلى أدائه في «بعد الفراق». واتهم الصحافيين في أكثر من لقاء بالتربُّص له، و«عدم فهم» التركيبة النفسية الشخصية التي قدّمها، والتي دفعته إلى الحديث بصوت منخفض في معظم الحلقات! وفيما ردَّ صالح على ظهوره كصحافي يبيع الموضوعات لأكثر من جريدة، بأنه يعرف صحافيين يفعلون ذلك... لم يذكر ما إذا كان قد تعرَّف على صحافي فنّي يعمل أيضاً في صفحة الحوادث، ويبرع في مجال الاستقصاء!
ويبدو أن صالح الذي يريد ترسيخ صورته كنجم تلفزيوني في السنوات المقبلة، لا يستطيع الانتظار لسنوات طويلة، كما حدث مع «زعيم الدراما المصرية» يحيى الفخراني الذي يقدِّمُ مسلسلاً كل عام منذ 28 عاماً، والذي لم يخجل يوماً من الاعتراف بسوء اختياراته. ويبدو أن ردّ الفعل المتوسط على مسلسل «سلطان الغرام»، جعل بطل «هي فوضى» يطلق تصريحات نارية لجذب الجمهور إلى «بعد الفراق». حتى إن المخرجة شيرين عادل خرجت بدورها أخيراً لتهاجم الصحافيين والنقاد الذين لم يفهموا شخصية البطل!
وقريباً من شيرين عادل، بدأ المخرجون وكتاب المسلسلات بالالتفاف حول النجوم، للردّ بطريقة «أكثر فعالية» على الانتقادات. وها هو محمد الغيطي الذي يتعاون مع داليا البحيري للعام الثاني على التوالي... يحرص على الدفاع عنها، في كل مرة يتناول أحدهم مسلسل «بنت من الزمن ده». أما البحيري، فأكدت أخيراً أن الانتقادات التي تطال مسلسلها مجحفة بحقِّه، على اعتبار أنه يسلِّط الضوء على واقع العشوائيات، رافضة النقاش حول الطريقة التي تناولت فيها هذا الواقع.
وإلى جانب الردود العنيفة وتوزيع الاتهامات على الصحافيين، بدأ النجوم يستخدمون سلاحاً دفاعياً جديداً، وهو نشر بعض الأخبار في الصحف، للتأكيد على نجاح مسلسلاتهم، كما حدث مع مسلسل «الهاربة». إذ نشرت صحيفة «الأهرام»، خبراً يؤكد أن الجاليات العربية في أميركا كانت حريصة على شراء العمل الذي تتقاسم تيسير فهمي بطولته مع عبير صبري ورياض الخولي، علماً بأن المسلسل الذي كتبه أحمد أبو بكر، وأخرجه محمد أبو سيف وتعيش خلاله البطلة المصرية سلسلة من المواجهات مع المافيا في نيويورك، لم يحصد أيّ نسبة مشاهدة تذكر في مصر... فكيف تابعه عرب أميركا؟!


السلاح الثالث في المعركة

فضلاً عن الاستعانة ببعض الصحف أو بالكتّاب والمخرجين، قرر النجوم، استثمار الندوات التي تقام بعد رمضان، للحدّ بشكل غير مباشر من هجوم الصحافيين عليهم. إذ غالباً ما يُسمح للمصوّرين فقط بحضور الندوات التي تنظّمها بعض الجمعيات والنوادي، على اعتبار أن إزعاج الفنانين في هذه المناسبات مرفوض... فينحصر النقاش بالفنانين أنفسهم، وبنشاطاتهم وأخبارهم. من هنا، ليس مفاجئاً أن تقف سيدة خلال ندوة لمسلسل «قصة الأمس» مع إلهام شاهين، لتتغزل بالبطل مصطفى فهمي. وتبقى الندوات التي تقام داخل الصحف أفضل من الناحية الفنية، لكنها تخلو أيضاً من أيّ هجوم، على اعتبار أن الفنانين هنا هم «ضيوف الجريدة»