تعدّدت الأسباب والنتيجة واحدة: إقفال مكتب القناة في بيروت وصرف الموظفين وعدم دفع رواتبهم وتعويضاتهم. والشهر المقبل، تبدأ أولى جلسات المحاكمة في القضية التي رفعها المكتب ضدّ مجلس الإدارة الجديد
ليال حدّاد
14 موظّفاً، يجلسون في مكاتبهم من دون كهرباء ولا خطوط هاتف، بانتظار «تحنّن» الإدارة عليهم ببعض المال «لتصريف الأعمال». هذه كانت حال موظّفي قناة «الساعة» في مكتب بيروت في الشهرين الماضيين، بعدما تجاهلت إدارة القناة حقوق هؤلاء الموظفين ومصاريفهم حتى انتهى الأمر بإغلاق المكتب من دون دفع الرواتب المستحقة ودون أي تعويض مادي.
في التفاصيل، أنّه عندما تسلّم الليبي أحمد قذاف الدم، رئاسة مجلس إدارة القناة رسمياً في تموز (يوليو) الماضي، بدأ العمل على توسيع المحطة ـــ ومركزها الرئيسي في مصر ـــ ومن ضمنها مكتب بيروت، فأصبحت تبثّ ستّ نشرات أخبار بدل اثنتين، كما وعدت الإدارة الجديدة الموظفين بإدخال تحسينات على البرامج وعلى نوعية العمل.
غير أن الواقع تغيّر بسرعة قياسية، فانقطعت رواتب الموظفين منذ شهر آب/ أغسطس الماضي، وبدأت الفواتير تصل إلى المكتب من دون أن يتمكّن مديره منير الخطيب من تسديدها بسبب عدم تحويل المال، «اتصلت مراراً بالقناة في مصر وكان الجواب دائماً سنرسل المال لاحقاً » إلا أنّ المال لم يصل، فانقطعت خطوط الهاتف والكهرباء، واستحقّ بدل إيجار المكتب دون تسديده. إضافة إلى ذلك، أوقفت الإدارة بعض البرامج خلال شهر رمضان، ولا سيّما «ولكن» الذي تقدّمه الزميلة ليال بهنام وكان من أنجح برامج المحطة. غير أن القصة لم تنته هنا، إذ تسلّم مكتب بيروت قبل عشرين يوماً رسالة إلكترونية تطلب وقف العمل في المكتب «قالوا لنا لا تعملوا إلا إذا كلّفناكم بموضوع معيّن» يوضح الخطيب.
وعلى أثر هذه الرسالة، استشار الخطيب محامياً فأكّد له أنّ هذا الأمر يعني إغلاق المكتب وصرف الموظفين تعسّفياً، فقرّر الخطيب رفع دعوى ضدّ الإدارة لتحصيل حقوق الموظفين. أرسل المحامي إنذاراً إلى الإدارة، وحتى الساعة لم تجب عليه، وهذا ما دفع الخطيب والفريق العامل إلى رفع دعوى ضدّ مجلس الإدارة حدّدت جلساتها الأولى في 27 من الشهر المقبل.
يؤكّد الخطيب أنّ الموظفين سيستردّون حقوقهم، وخصوصاً أنّ أيّ حكم يصدر في لبنان يمكن تطبيقه في مصر وفقاً لبروتوكول تعاون قانوني بين الدولتين.
لكن، ما هي الأسباب الحقيقية وراء إقفال المكتب؟ يتردّد في أروقة مكتبي بيروت والقاهرة، أن السبب الرئيس هو تعهّد البيان الوزاري في بنده الثلاثين متابعة قضية تغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه في ليبيا، ما اعتبره قذاف الدم ـــ وهو قريب الرئيس الليبي معمر القذافي ـــ إهانة بحق الليبيين وتقرّر وقف أي تعاون بين ليبيا ولبنان.
غير أنّ الموضوع هو في مكان آخر بالنسبة إلى البعض، منهم مَن يتحدّث عن حرب خفيّة تجري بين العواصم العربية، ضمنها بيروت والقاهرة، للتحوّل إلى عاصمة إعلامية أساسية في المنطقة. ويتساءل مصدر قريب من المحطة عن صحة الأقوال بأنّ ميزانية مكتب بيروت مكلفة من دون أي إنتاجيّة، وخصوصاً أنّ البعض تحدّث عن ميزانية شهرية تصل إلى 150 ألف دولار وهو ما ينفيه الخطيب «ميزانيتنا لا تتخطّى 17 ألف دولار شهرياً». وانطلاقاً من هذه الأرقام يعود المصدر نفسه ليسأل عمّا إذا كانت هناك عملية سرقة تتمّ، فتقدَّم أرقام بمئات آلاف الدولارات فيما الواقع مختلف كلياً؟
من جهته، يشرح مصطفى بكري مدير القناة أنّ إغلاق مكتب بيروت هو من ضمن إعادة الهيكلة بعد تغيّر الإدارة وانتقال رئاسة مكتب بيروت من وليد الحسيني إلى قذاف الدم. أمّا عدم دفع الأجور والتعويضات فسيحلّ عند الانتهاء من إعادة ترتيب القناة وهيكلتها «وكل صاحب حقّ سيأخذ حقه». وتمنّى بكري أن تُحلّ الأمور «حبّياً» وبعيداً عن المحاكم.