زينب مرعيأمكنة الترفيه والتسلية لدى المسلمين المتديّنين والشيعة خصوصاً، كانت موضوع الدراسات التي قُدّمت أخيراً في الجامعة الأميركية في بيروت، ضمن مؤتمر «أمكنة الإيمان والترفيه». نظراً إلى الحاجة الطبيعية إليها، أدخل المسلم المتديّن في التنظيم المدني الحديث أماكنه الترفيهيّة الخاصة التي تناسب ما هو محلّل ومحرّم في دينه. هكذا، ركّزت الدراسات على الحالة الشيعيّة، بما أنّها كانت الأكثر تأخراً في ركوب موجة «الترفيه» بسبب إرثها «الحزين» الذي بقيت عالقة فيه حتى بزغ توجّه وخطاب جديدان أعطياها ثقة أكبر بالنفس، هما: الثورة الإيرانية، و«حزب الله» في الحالة اللبنانية.
تناول حالة الشيعة في لبنان الباحثون منى حرب، وطلال عتريسي والمؤرخة الفرنسية سابرينا ميرفان. ركّزت منى حرب على تزايد المطاعم والمقاهي ومراكز التسوّق في الضاحية الجنوبية منذ 2000. وتردّ حرب سبب هذه الفورة إلى «التحرير» عام 2000، والحاجة إلى بقاء كلٍّ داخل حدود منطقته، بعد الأزمة السياسية الأخيرة في لبنان. سابرينا ميرفان تناولت المسرح «الشيعي» الذي اقتصر على السيرة الحسينيّة التي بدأ تمثيلها في لبنان عام 1930 في النبطية. وشهد هذا المسرح تطوراً سينوغرافياً وانفتح على مخرجين وممثلين من مختلف الطوائف، صاروا يشاركون فيه، لكنّ النص بقي بين يدي رجل الدين. كما دخلت السياسة فيه، إذ إنّ هناك دائماً محاولة ربط بين حالة الحسين وحالة مقاومي حزب الله.
طلال عتريسي اختار تطوّر الأناشيد الترفيهية، التي وإن كانت ليست كلّها من تأليف فرقة الولاية التابعة لـ «حزب الله»، فإنّها تجسّد التطوّر الذي طرأ على الشيعة مع تطوّر خطاب «حزب الله». فبعدما كانت حركة «المقاومة الإسلامية» في بداياتها عام 1982 تريد اعتماد نظام ديني أصبحت في 1992 مع اعتماد الديموقراطية وإلغاء الطائفية السياسية، وأصبح للشيعة مع مطلع الثمانينات وعي جديد بالانتماء إلى أرض لبنان. ويرى عتريسي أنّ هذا التحوّل انعكس في الأناشيد التي كانت بغالبيتها دينية وبالفصحى، فصارت اليوم عاميّة وهي بغالبيّتها وطنيّة.
أما آصِف بيّات الأستاذ في علم الاجتماع الإيراني، فتحدّث في الحالة الإسلاميّة العامة ورؤيتها لمفهوم التسلية، واتخّذ من الأنظمة الإسلامية في إيران والسعودية مثالاً، حيث التشدّد المفرط لهذه الأنظمة ضدّ التسلية إنّما هو لضمان استمراريّتها. ويشير بيّات إلى أنّ الثورة البولشيفيّة حاولت منع التسلية أيضاً، كذلك فعلت الثورة الفرنسية عام 1789 لأنّها كانت ترى أنّ التسلية تهدّد بابتعاد الناس عن الثورة.