تلقّب الصحف الإيطالية ماركو مولر بـ«الصيني»، لا لكونه يتحدث الصينية (واليابانية) بطلاقة فحسب، بل لأنّه يميل إلى ترجيح كفة السينما الآسيوية، ومنحها مكانةً مميزةً في كل دورة من «مهرجان البندقية السينمائي» منذ تولّيه منصب المنسّق الفني، قبل خمس سنوات... وهي فترة قياسيّة بالنسبة إلى مهرجان اعتاد كثرة تغيّر المشرفين عليه، تبعاً لتغيّر الحكومات في إيطاليا. منذ وصوله إلى الإدارة الفنية للـ«موسترا»، عايش مولر ثلاث حكومات إيطالية متعاقبة، يمينية ويسارية. ورغم توجّهاته اليسارية، لم تؤثر عودة برلوسكوني إلى رئاسة الحكومة في الإجماع الذي يحظى به مولر في الأوساط الثقافية الإيطالية. إذ أُعلن رسمياً، قبيل افتتاح هذه الدورة من المهرجان، عن التجديد له في منصبه لأربع سنوات. ويأتي ذلك مكافأة لجهوده في الحفاظ على مكانة هذا المهرجان السينمائي الأقدم عالمياً (نشأ سنة 1932) ومنحه دينامية متجدّدة.ولد مولر في روما (1953)، لكنه نشأ في سويسرا ويحمل جنسيتها. وقبل أن يدخل عالم السينما، تخصّص في الثقافات الآسيوية. ومن هنا، تولّد ولعه بالثقافات الصينية واليابانية. دخل السينما كمنتج عبر شركة Fabrica Cinema التي أسّسها في مدينة بولونيا، أواخر الثمانينيات. ومن أشهر الأفلام التي أنتجها No man’s land للبوسني دانيس تانوفيتش الذي نال جائزة أفضل سيناريو في «كان ــــ 2001» وأوسكار أفضل فيلم أجنبي لسنة 2002. ثم تولّى رئاسة «مهرجان روتردام السينمائي» (1989 ــــ 1991) فـ«مهرجان لوكارنو» (1991 ــــ 2000) قبل أن يعيّن «دوقاً» للـ«البندقيّة/ فينيسيا».
استطاع «الصيني» أن يعيد للمهرجان مكانته الريادية التي تراجعت في الثمانينيات والتسعينيات. وصمد أمام منافسة منافسيه الأوروبيين «كان» و«برلين»، بفضل فريق من النقاد الشباب يضم 11 اختصاصياً، تتوزع صلاحياتهم وفقاً للدول والمناطق الجغرافية المختلفة.
ورغم أنّ مندوبة الـ«البندقيّة/ فينيسا» لمنطقة أميركا الشمالية، جوليا داغنلو فالان (المديرة السابقة لمهرجان تورينو)، من أفضل الاختصاصيين في السينما الأميركية، إلا أنّ الـ«موسترا» تعاني هذه السنة مصاعب في استقطاب السينما الهوليوودية، وذلك ــــ كما ذكرنا في المقالة الرئيسيّة ــــ بسبب منافسة «مهرجان تورنتو» الذي يقام بعد «البندقية» بأسبوع واحد. وهذا الإشكال سيكون أكبر تحدّ لمولر، في ولايته الجديدة.