«أماسي رمضانية» تنطلق الليلة مع «وتريّات» نصير شمّةبشير صفير
«مسرح بابل» المحاذي لشارع الحمرا، يفرض نفسه فضاءً ثقافياً بديلاً، في الموسم الرمضاني، إذ يعوّض، ولو على نطاق ضيّق، نقصاً فادحاً في الإعلام المرئي الذي فضّل ــــ هذه المرّة أيضاً ـــ التسلية والترفيه على الفنّ الراقي. حقّق نشاط «أماسي رمضانية» هذه السنة تقدّماً ملموساً: أوّلاً، من حيث المثابرة في الرهان على تقديم مواعيد موسيقية تحترم الذائقة الفنية. وثانياً، من حيث حجم البرنامج وتنوّعه. إذ يصل عدد المواعيد هذه السنة إلى تسعة (مقابل ست حفلات في رمضان الماضي)، يُقدَّم كلٌ منها على مدى ليلتَيْن متتاليتَيْن، وترسم الخريطة الجغرافية للموسيقى الأصيلة والغناء الشعبي والتراثي والطربي من العراق إلى مصر مروراً بسوريا ولبنان. ويمكن اعتبار أماسي «بابل» الرمضانية بمثابة مهرجان موسيقي إقليمي إذا صحّ التعبير، لا يقلّ أهمية عن مهرجانات الصيف اللبنانية الدولية (بعلبك، بيبلوس وبيت الدين) التي اختُتِمت في الأمس القريب.
هذا الموسم أيضاً، يجمع بين مختلف الأمسيات عنوان عريض هو الفنّ العربي الأصيل أو البديل. وسيلاحظ الجمهور عودة فنانين للمرّة الثانية إلى الـ«أماسي»: نصير شمّة وسميّة بعلبكي. لكن الشعر يغيب هذه السنة عن «بابل»، بعدما حضرت في الموسم الماضي نازك الملائكة من خلال صوت زاهي وهبي، بين حفلات جاهدة وهبة وزياد الأحمدية وسحر طهويتوزّع برنامج «بابل» في رمضان 2008 إلى قسمَيْن أساسيَّيْن: الأول موسيقيّ آلاتي، ويضم النَفَس المجدِّد والرؤية الحديثة بأدوات كلاسيكية، للموسيقى الشرقية مع نصير شمّة. هذا المؤلف الموسيقي، ووريث المدرسة العراقية في العزف على آلة العود، يُحيي مساء اليوم وغداً حفلتين بعنوان «وتريات عراقية»، تعيدنا إلى إطلالته السابقة من على الخشبة نفسها، وكذلك إلى حفلاته المختلفة في لبنان، خلال صيف 2003 ثم ربيع 2004. وضمن السياق نفسه أيضاً، نحن على موعد مع الرؤية المحافِظة الأصيلة، ذات التركيبة الموسيقية الكلاسيكية، كما تجسّدها فرقة «التخت الشرقي النسائي السوري» التي تحمل أمسيتاها عنوان «ليالي طرب أصيل» (16 و17 سبتمبر).
أما القسم الثاني من البرنامج، فهو غنائي طربي أو إنشادي، منفرد أو جَماعي، ويضم فرقة «وجوه» السورية التي تستعيد تحت عنوان «شرقيات» (6 و7 سبتمبر)، وبأسلوب خاص وأمين، روائع من التراث الموسيقي والغنائي العربي والتركي والأرمني والأذربيجاني. كما يقدّم البرنامج «سهرة مع المقام العراقي» (9 و10 سبتمبر) في أمسيتَين يحييهما المطرب حسين الأعظمي، أحد أبرز الوجوه المعاصرة (بحثاً، تأريخاً وتنفيذاً) في مجال هذا الفن الغنائي الخاص بالعراق والمتوارث منذ العصر العباسي. وللإنشاد الصوفي حصته البديهية، والأكثر تلاصقاً بالمناسبة، مع الفنان المصري مصطفى سعيد (14 سبتمبر) الذي التقيناه في «بابل» أيضاً أواخر حزيران (يونيو) الماضي، يوم إطلاق ألبومه الأول «رباعيات الخيام» (ضمن «مهرجان فوروورد» للموسيقى).
وفي السياق نفسه، تعود المطربة اللبنانية سمية بعلبكي إلى «بابل» لتحيي «ليالي الأنس» (19 و20 سبتمبر) بعد مشاركتها السنة الماضية في الأماسي، وإطلالتها المتجدِّدة المتمثلة بأسطوانة «تانغو عربي» التي قدّمتها على الخشبة نفسها منذ شهرين (ضمن «مهرجان فوروورد»).
وتتوالى اللحظات الغنائية في المهرجان لتشمل الطرب الأصيل مع فرقة «شيوخ سلاطين الطرب» السورية التي تقدم أمسيتَين تحت عنوان «سوى ربينا» (24 و25 سبتمبر)، إضافةً إلى المغنية اللبنانية غادة شبير (27 سبتمبر) التي ستقدّم أسطوانتها الصادرة أخيراً «قوالب» التي غنّت فيها الشيخ سيد الدرويش بقالب توثيقي ومهني معهود في مسيرة شبير الناهضة بعصر النهضة الموسيقية العربية وأسلافه. وفي الختام، وجه آخر من الغناء العربي مع الفنانة اللبنانية أميمة الخليل التي تحيي في ذاكرتنا، ومن ذاكرتها، بعضاً من أغنياتها الاجتماعية الملتزمة في حفلتَين بعنوان «من ذاكرتي» (3 و4 أكتوبر).
وفي الختام، لا بد من الإشارة إلى أنّ صالة مسرح «بابل» ليست المكان المثالي للمواعيد الموسيقيّة، بسبب هنّات هندسيّة تتعلّق بقدرة المكان على إيصال نقاوة الصوت ووضوحه. لكنّ ذلك لن يقلّل من حماسة الجمهور النهم إلى هذه المناسبات. على أمل أن تزدهر الصالة التي يديرها مخرج عراقي بارز عربياً، بالعروض المشهديّة أيضاً، حالما ينتهي الموسم الرمضاني... كي لا يقال يوماً إن جواد الأسدي همّش المسرح لمصلحة الموسيقى.


«أماسي رمضانيّة» 9:30 مساءً من 4 أيلول (سبتمبر) الحالي حتّى 4 تشرين الأوّل (أكتوبر) المقبل ــــ مسرح «بابل» (الحمرا) ــــ 01/744034


ثلاث فرق من سوريابعد نصير شمّة الذي يفتتح الأماسي، تقدم فرقة «وجوه» حفلتين متتاليتَين (6 و7 سبتمبر) بعنوان «شرقيات». تأسّست هذه الفرقة عام 2004 بهدف إعادة تقديم «الموسيقى الشرقية القديمة بصورة أكاديمية متطورة، وسُمِّيَت «وجوه» لتعبِّر عن الوجوه المختلفة للموسيقى الشرقية»، كما تعرّف بنفسها. ولا يطال اهتمام «وجوه» الموسيقى العربية فحسب بل التركية والأرمنية والأذربيجانية أيضاً. قدمت حفلات في سوريا وأوكرانيا والإمارات والبحرين وقطر.
أما الفرقة السورية الثانية، فتمثّل محطة استثائية وغير مألوفة عموماً. إنّها فرقة «التخت الشرقي النسائي السوري» (16 و17) التي أسّستها مجموعة موسيقيّات من خريجات وطالبات المعهد العالي للموسيقى في دمشق تحت إشراف المدير العام لـ«دار الأوبرا السورية للثقافة والفنون» نبيل اللّو.
تهدف الفرقة إلى إحياء التراث الموسيقي الشرقي بأسلوب كلاسيكي وتتألف من: وفاء صفار (إشراف، قيادة وناي)، رحاب عازار (عود)، ديما موازيني (قانون)، رزان قصّار (كمان) وخصاب خالد (رقّ).
أحيت الفرقة الكثير من الحفلات في سوريا كما جالت دولاً أوروبية (إيطاليا، اليونان، هولندا وألمانيا) وآسيوية (الصين) وعربية (الإمارات العربية).
أمّا الفرقة الثالثة والأخيرة، فهي «شيوخ سلاطين الطرب»، وهي غير فرقة «سلاطين الطرب» التي اشتُهرت في التسعينيات في لبنان من خلال إطلالاتها في بيروت وأسطواناتها الكثيرة...
لكنها تعتمد أسلوب التعبير نفسه وتهتم بالقيم الفنية التراثية نفسها، أي الموشحات والقدود الحلبية وغيرها من قوالب الطرب الأصيل.
أصدرت الفرقة ثلاثة ألبومات هي «سهرة من حلب»، «ليالي المهرجانات» و«أمسية المعهد الدنماركي بدمشق»، وأحيت عشرات السهرات الطربية، معظمها في سوريا والدول المجاورة (الأردن واليمن) والإمارات، وخصوصاً في المغرب العربي (تونس، المغرب والجزائر).


ـ فرقة «وجوه» 9:30 مساء 6 و 7 أيلول (سبتمبر)، فرقة «التخت الشرقي النسائي السوري»، 24 و 25 أيلول، فرقة «شيوخ سلاطين الطرب»، 24 و 25 أيلول ــ مسرح «بابل».


من برنامج «أماسي رمضانية»نصير شمّة
«وتريات عراقية» (4 و5 أيلول)

ليست هذه المرة الأولى التي يزور فيها عازف العود العراقي نصير شمّة بيروت. في كل مرة، يقدم في عزف منفرد أعمالاً من تأليفه، يبرز فيها تمكّنه التقني من آلته. يستهلّ اليوم الأماسي الرمضانية، ويقدّم من قديمه وجديده كما في الإطلالات السابقةstrong>حسين الأعظمي
«سهرة مع المقام العراقي» (9 و10)

إنّه أبرز الممثلين الأحياء لمدرسة عريقة هي «المقام العراقي»، وأحد أبرز المساهمين في إحيائه. وقد أصدر في هذا السياق كتاب «الطريقة القندرجيّة في المقام العراقي وأتباعها» الذي يتناول فيه تاريخ هذا الفن وخصائصهstrong>مصطفى سعيد
«أمسية صوفية» (14 أيلول)

عرفناه عازف عود إلى جانب نداء أبو مراد، وفي فرقة «أصيل»، قبل أن يستقل بتجربة إنشادية صدرت في ألبوم «رباعيات الخيّام». يعود الفنان المصري إلى جمهوره ضمن «أماسي رمضانية» بعد مشاركته في «مهرجان فوروورد للموسيقى» الصيف الماضيstrong>سميّة بعلبكي
«ليالي الأنس» (19/20 أيلول)

في المكان نفسه، وضمن «مهرجان فوروورد»، قدمت ألبومها الجديد «تانغو عربي» الذي حوى كلاسيكيّات الأغنية الطربية بتوليف من وحي إيقاع موسيقى التانغو وروحها. وها هي المطربة اللبنانية الأصيلة سميّة بعلبكي تعود لإحياء «ليالي الأنس» في «بابل»strong>غادة شبير
«قوالب» (27 أيلول)

أصدرت منذ فترة أسطوانة «قوالب»، وهي ثمرة بحثها في غمار الأغنية الشرقية التراثية التي طاولت هذه المرة نتاج سيد درويش، بعد تجربتها الأولى في «موشحات». وستكون الأمسية مناسبة لاكتشاف ألبومها الجديد في الحفلة الحية الأولى لها منذ صدورهstrong>أميمة الخليل
«في ذكرياتي» (3 و4 ت1/ أكتوبر)

عرفناها بداية فتاة ثورية صغيرة تؤدي الأغاني الملتزمة مع مرسيل خليفة، ثم مغنية قديرة ترافق خليفة في معظم حفلاته... قبل أن تستقل بتجربة تجديديّة نتج منها ألبومان. تعود أميمة إلى جمهورها بعد غياب نسبي، لتقدم أمسيتين بعنوان «في ذكرياتي».