انطلق قبل أيّام «مهرجان عروض الشارع» الذي ينظّمه «زيكو هاوس»، ويستمر حتى تشرين الثاني (نوفمبر). على البرنامج عروض مختلفة لفرق من فرنسا وإيطاليا والدنمارك ولبنان طبعاً، حيث نتوقّع مشاركة رامي نيحاوي، ورشا ولينا جوخدار، وفرح نعمة، وسابين شقير
حسين بن حمزة
فجأةً، انشقّ شارع البلدية في وسط بيروت عن أربعة عجائز يرتدون أزياء غريبة وقديمة. أحدهم يقود عربة أطفال محمّلة طبولاً، بينما الثلاثة الآخرون يحملون آلات نفخ. وقبل أن يستوعب المارة وروّاد المقاهي القريبة الأمر، بدأ الأربعة بالعزف والتجوال بينهم. صوت الموسيقى علا على كل شيء. ازداد فضول الحاضرين حول هوية المجموعة القادمة كأنما من زمن آخر. من هؤلاء؟ من أين طلعوا على غفلة منهم؟ بهذه الطريقة، أعلن «مهرجان بيروت لعروض الشارع» الاثنين الفائت انطلاق نسخته الخامسة بتنظيم «زيكو هاوس». الحاضرون الذين تحولوا ـ بالمصادفة ـ إلى جمهور، لم يعرفوا أنّ العجائز الأربعة هم أعضاء فرقة Ci Le SAMU الفرنسية، ولم يُدركوا أنهم يشاهدون، تحت عنوان A bout de souffle (حتى انقطاع النفس)، العرض الافتتاحي لمهرجان عروض الشارع. مباغتة الجمهور هي طموح الفرق المشاركة، والفرقة الفرنسية نجحت في خلخلة الحركة الروتينية للناس، وكانت لعازفيها حِيَلُهم لجذب الجمهور. لم يكتفوا بالموسيقى، بل ألقوا خطباً مضحكة وتحدثوا مع مدخني النراجيل في المقاهي وتحولوا إلى مهرجين حقيقيين.
مهرجان عروض الشارع يُقام وفق مواعيد موزّعة على ثلاثة شهور: أيلول (سبتمبر) وت1 (أكتوبر) وت 2 (نوفمبر). بعد الفرقة الفرنسية (قدمت العرض نفسه في شارع الحمرا)، عرض MarieetTonio لفرقة فرنسية أخرى تحمل الاسم ذاته. وهي فرقة تعتمد على الدمى في أعمالها. الفَرق أنّها تقدم مسرحاً للدمى في الشارع لا على خشبة مسرح تقليدية. هذا يعني أن الخيوط التي تُدار بها الدمى، ويُحرص على أن تكون غير مرئية، ستكون مكشوفة أمام الجمهور. التقنيات التقليدية في مسرح الدمى لن تنجح في الشارع. المطلوب من محرّكي الدمى أن يخترعوا طرقاً غير متوقعة لجذب المتفرجين وإقناعهم. العرض المنتظر تقديمه في 8 و 9 سبتمبر الحالي (جنينة الصنايع، وحديقة السيوفي) سيتضمن ثلاثة مشاهد منفصلة: «تنانين وضفادع»، «لولو»، و«بعيداً عن المنزل».
وتختتم عروض شهر أيلول في 11 و 12 بعرض «مواطنون» لفرقة BK Compagnie الألمانية. بطولة العرض ستكون لمواطنَيْن يرتديان ثياباً مصنوعة من النحاس. مظهرهما الناصع يستدعي عالم رجال الأعمال، لكن العرض يَعِدنا بالتحوّل إلى فضاء آخر، غريب وغير متوقع. وسيتابع المهرجان عروضه مع فرق من إيطاليا والدنمارك، إضافة إلى عروض لبنانية لم تُعلن تفاصيل مشاركاتها! ومن بين الأعمال المرشحة للانضمام إلى البرنامج، يعدِّد مدير المهرجان مصطفى يمّوت عروضاً لرامي نيحاوي، ورشا ولينا جوخدار، وفرح نعمة، وسابين شقير.
سنة بعد سنة، يكرّس المهرجان حضوره في مفكرتنا الثقافية السنوية. لم نتأخر كثيراً في تنظيم هذا النوع من النشاط المسرحي الذي يُقدم في الهواء الطلق. الفرق الأجنبية التي استضافها في دوراته السابقة ليست ذات عمر طويل، لكن يُلاحظ أن المهرجان لا يتلقى جرعات محلية وعربية قوية. الأوروبيون يقدمون أفكاراً أكثر ملاءمة لروحية مسرح الشارع. التمثيل هو الأقل حضوراً في عروضهم ولديهم فرق متخصصة في هذا النوع من الأداء المرتجل أمام جمهور عابر.
أن يكون المسرح في الشارع لا يعني لهم أن ينقلوا العرض المسرحي العادي من الخشبة إلى الشارع. الأولوية في عروضهم تنطلق من الشارع لا من المسرح. معظم ما قدمّه اللبنانيون في الدورات السابقة اقتصر على التمثيل وحده، أو على خلط التمثيل بالتجهيز. رغم المستوى الجيد لبعض هذه العروض (أعمال عايدة صبرا، ورويدا الغالي، وفرقة «صورة»، وباتريسيا حبشي...) فإن المأمول هو أعمال تنطلق من فكرة كسر رتابة الحيِّز العام. أي أن تُبنى العروض على رد فعل جمهور لم يُدْعَ إلى المسرح اختياراً. وهذا يعني أن يُؤلف القسم الأكبر من العرض أثناء حدوثه، لا أن يُؤتى بعرض كامل غُيِّبت فيه ـ مسبّقاً ـ الأدوار التفاعلية المحتملة للجمهور.


«مهرجان عروض الشارع» ـ حتى تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل ـ للاستعلام: 03/810688