في العام الماضي، حذَف كل ما يتضمّن نقداً مباشراً للتطبيع وممارسات رجال الأمن. وهذا الموسم، شكّلت المشاهد المتعلّقة بالأزمات المعيشية وسياسات الحكومة المصرية، هاجسه الأول... مقصّ الرقيب بدأ نشاطه الرمضاني، ويحيى الفخراني وأحمد رزق أول الضحايا
محمد عبد الرحمن
بعد مرور أكثر من أسبوع على بدء الموسم الرمضاني التلفزيوني، تبدو المعارك بين الرقابة الحكومية في مصر وصنّاع المسلسلات للوهلة الأولى، هادئة هذا العام. ذلك أن المنتجين تجنَّبوا منذ البداية، الخوض في قضايا، قد تثير أزمات في التلفزيون المصري، بهدف تمرير مسلسلاتهم من دون مشكلات أو صدامات. لكن الرقابة لا تصوم حتى في رمضان، وها هي تجدّد نشاطها لتحذف مشاهد وتلغي عبارات، جميعها مرتبط بالأوضاع الاقتصادية والسياسية الراهنة.
والبداية مع مسلسل «شرف فتح الباب» للفنان يحيى الفخراني الذي لا يتصادم مع الرقابة إلا في ما ندر. في عمله الجديد، حُذفت بعض العبارات، وخصوصاً تلك المتعلقة بغضب العاملين في الشركة حيث يعمل البطل، من الخصخصة وإحالتهم باكراً على المعاش. وربما لو عرض المسلسل مع النص نفسه العام الماضي لكان قد مرَّ بسلام، لكنّ الإضرابات العمالية التي شهدتها مصر هذا العام، زادت من حساسية الموقف، وخصوصاً أن «الأستاذ شرف» تورّط في قضية الاختلاس بعد 34 عاماً من العمل بنزاهة. والسبب أنه وجد نفسه فجأة في الشارع، بعدما قررت الشركة إحالته على المعاش، رغبة منها في توفير رواتب قدامى الموظفين. وذلك، بعدما تحولت إلى القطاع الخاص نتيجة عملية الخصخصة التي تثير الغضب دائماً على سياسات الحكومة الاقتصادية. كذلك جرى إخفاء ماركة إحدى السيارات الشهيرة حتى لا يقدم المسلسل الذي كتبه محمد جلال عبد القوي وأخرجته رشا شربتجي، إعلاناً لهذه الشركة.
أما مسلسل «هيمة» (تأليف بلال فضل، بطولة أحمد رزق وعبلة كامل وحسن حسني، إخراج جمال عبد الحميد)، فقد طلبت الرقابة من أسرة العمل حذف بعض المشاهد والعبارات: بعضها يتعلق برجال الشرطة وطريقة تعاملهم مع السجناء، وبعضها الآخر يتمحور حول صندوق شباب الخريجين. وقد وجد المؤلف نفسه مجبراً على حذف اسم الصندوق، حتى لا يسيء إلى الجهات التي تدعم مشروعات الشباب، وخصوصاً أن هذا الصندوق تعرّض لانتقادات حادة في السنوات الأخيرة، بسبب فشل معظم مشروعاته التي كان من المفترض أن تسهم في حل أزمة البطالة. وهكذا، يظهر البطل هيمة وهو يجاهد للحصول على فرصة عمل عبر هذا الصندوق، كما يطلب من والدته أن تدعو بالهداية للجهات المسؤولة عن هذا المشروع، وهو في طريقه لمقابلتهم، ولكن من دون الكشف عن اسم هذه الجهات! كما شددت الرقابة على إلغاء بعض الجمل التى عدّتها شتائم، مثل «ابن الكلب». وفيما أكد بلال فضل أن هذه العبارة لم تعد تعدّ شتيمة في الدراما، لا يزال الجدل مستمراً بين الطرفين حول حذفها أو الإبقاء عليها. علماً أن عبارة «ابن الكلب»، تتكرر في مسلسل «شرف فتح الباب» أيضاً، إذ تردُ على لسان الفخراني في أحد المشاهد، لكنه يقولها بصوت منخفض، في إطار صدامه المباشر مع مديره في العمل.
وبخلاف ما كان متوقعاً حول مسلسل «الدالي 2» لنور الشريف، جاءت الاعتراضات الرقابية محدودة إلى حد كبير، ما دفع بمخرجه يوسف شرف الدين إلى التفاؤل، مؤكداً أن الرقابة طلبت فقط عدم الربط بين شخصية رجل الأعمال اليهودي سوليمان وبين الكونغرس الأميركي، وحذف ما يشير إلى ذلك. ومع ذلك، جرى الإبقاء على العلم الأميركي والجنسية الأميركية لسوليمان الذي يؤدي دوره عزت أبو عوف.
كما سمحت الرقابة بعرض حادث المنصة، وكل المشاهد المتعلقة ببداية ظهور الجماعات المتطرفة ونشاطهم، حتى انتهاء أحداث الجزء الثاني من «الدالي» عند عام 1986. وأكد شرف الدين أنه لم يتلقَّ أي اعتراضات رسمية حتى الآن، على رغم أنه أرسل إلى التلفزيون العدد الأكبر من الحلقات، علماً أن القانون ينص على إبلاغ المنتج والمخرج بنيّة حذف مشاهد معيّنة عبر إنذار رسمي، وهو ما لم يحدث في «الدالي 2»، إلا مع قصة الكونغرس الأميركي. ومن نور الشريف إلى يسرا ومسلسل «في إيد أمينة»، (بطولة هشام سليم وروجينا، قصة عادل مبارز، سيناريو وحوار محمد الصفطى، إخراج محمد عزيزية). مع يسرا يبدو الوضع مختلفاً، ذلك أن عدد الحلقات التى سُلّمت إلى التلفزيون (15 تقريباً)، لم تثر أيّ حساسية حتى الآن، ولم يصدر أي أمر بحذف مشاهد أو جمل منها. لكن قناة «دبي» (المشاركة في الإنتاج)، أدّت دور الرقيب هذه المرة، وعملت على حذف مشهدين: الأول يتناول خيانة زوج أمينة لها. والثاني، يتحلّق فيه محرّرو جريدة «الأيام» حيث تعمل أمينة درويش، أمام شاشة كمبيوتر لمشاهدة اللقطات التي تكشف خيانة زوج البطلة. وسبب الحذف يعود طبعاً إلى الطابع المحافظ للفضائية الخليجية.


«شرف فتح الباب» 20:30 على «س» للمسلسلات/ «الدالي 2» 19:44 على «art حكايات»/ «في إيد أمينة» 00:00 على «دبي»/ «هيمة» 17:00 على «المستقبل»


«أسمهان»... غاضبة

بعدما مُنع من العرض في سوريا بسبب اعتراضات آل الأطرش، واجه مسلسل «أسمهان» أخيراً أزمة جديدة. ذلك أن سلاف فواخرجي، بطلة العمل، اعترضت على كتابة اسمها في «الجنيريك» بعد اسم المسلسل، فطالبت بتغييره بشكل يظهر اسمها واسم العمل في الوقت نفسه. المخرج شوقي الماجري لبّى طلب الممثلة السورية، وعمل على تجهيز مقدمة غنائية جديدة للمسلسل، مراعياً ما طلبته فواخرجي. وقد أُرسلت النسخة المعدّلة إلى القنوات، لكنها لم تبثّ حتى الآن. يذكر أن الماجري يستكمل تصوير المشاهد الخارجية للعمل داخل مدينة الإنتاج الإعلامي. ويبقى أمام أسرة المسلسل حوالى أسبوع من التصوير.
21:00 على «الجديد»