نقولا أبو رجيلي «سفينة الرهائن» (دار الفكر اللبناني) رواية سياسية رمزية هي التجربة الأولى للكاتب نمر منصور فريحة، بعد سلسلة كتب تربوية وأكاديمية. في باكورته الروائية، يحاول الكاتب اللبناني إلقاء الضوء على موضوعين أساسيين هما محور اهتمام العالم حالياً: الإرهاب والفساد السياسي. ويتخلّل الرواية بعض المواقف الوجدانية مثل الندم، الحب، المرض. تدور أحداث الرواية على متن سفينة تسيطر عليها مجموعة إرهابيين، في عرض البحر. وتصوّر المكابدات اليومية التي عاشها الرهائن، على مدى خمسة أيام، تعرضوا خلالها لشتى أنواع الضغوط والمهانة. كما تعالج النواحي النفسية للرهينة الذي يتأرجح بين الموت والحياة وطريقة الخلاص، مركّزةً على علاقة المواطن بالنظام الحاكم وعدم اكثراث السلطة بحياته ومستقبله. إذ تصوّر سياسين لا همّ لهم سوى المحافظة على نفوذهم وسلطتهم وتجميع ثرواتهم على حساب شعب اعتادوا تضليله بشعارات واهية تحت اسم الديموقراطية التي يتغنون بها. بينما هي ـــ كما وصفها أحد أبطال الرواية ــــ «موبوقراطية» (Mobocracy أي حكم الغوغاء). حتى إنّ أحد الرهائن رفض تشبيهها بالمزرعة التي يسعى صاحبها إلى الاعتناء بها باستمرار. يركّز الكاتب على أطماع الدول بالسيطرة على مقدرات البلدان الصغيرة من خلال نهب ثرواتها وقمع مثقفيها ومحو ذاكرة أبنائها، لعدم تأريخ مجرى الأحداث، كي لا تتعرف الأجيال القادمة على ما عاناه أجدادهم من التحكّم بسياساتها وترويض مسؤوليها لضمان استمرارية ولائهم واستعمالهم كأدوات للحفاظ على مصالحهم مع باقي الدول، من جميع النواحي السياسية والاقتصادية والثقافية.
وفي شقّ آخر، يحاول الكاتب ملامسة واقع حال الرهائن الذين سيطر عليهم الخوف وهم ينتظرون الموت بين لحظة وأخرى، فإذا بهم يستسلمون للذكريات والأحلام. هكذا، راح كل منهم يروي لزملائه قصصه الغرامية التي عاشها قبل صعوده إلى السفينة، وأعرب بعضهم الآخر عن شعوره بالندم لمن أساء إليهم. ومنهم من شبَّه وضعه بحالات نفسية وقع فيها لدى معاناته من مرض أو أزمة صحّية، وآخر تمنّى أن تكون حبيبته حاضرة ساعة موته. حتى إنّه بعث إليها برسالة عبر البحر على طريقته الخاصة... وآخرون طلبوا الغفران من الأشخاص الذين وقعوا ضحية أنانيتهم. وبمواقف لا تخلو من الفكاهة، نرى بعض المثقفين الثوريين وهم يحاولون توعية محدّثيهم عن كيفية التعامل مع المسؤولين الذين تركوهم لقمة سائغة لمواجهة مجموعة من اللصوص والإرهابيين.