أعلن المخرج بسام الملا نيته إنجاز جزءَين رابع وخامس من «باب الحارة»، على رغم أن أصداء الجزء الثالث تبدو باهتة حتى الآن. فخروج ممثلين رئيسيين، على رأسهم عباس النوري (أبو عصام) قلّل من جماهيرية العمل. في المقابل، دخلت وجوه جديدة، كجومانة مراد، التي تؤدّي دور زوجة العكيد أبو شهاب، والتي تبدو لهجتها الشامية غير مقنعة. وهناك أيمن رضا، المشارك هذا العام في ثلاثة أعمال بيئية، ونتعرّف معه إلى حارة جديدة («الماوي») لنكتشف أن العالم أوسع من حارة «الضبع». كما يتّسع الخط الوطني المتمثل بالقتال ضد الاحتلال الفرنسي، وسنقابل شخصية متعلمة هي أدهم الذي يدرس الحقوق، وينظم الاجتماعات السرية... كل ذلك، لم يسهم في إنجاح الجزء الثالث. بل يبدو أن تنطّع العمل لإدعاءات ثقافية سيفسده، فـ«باب الحارة» يجذب المشاهد بتفاصيله وثرثرته، وبقيمه الأخلاقية الخارقة. وهو كلّما اقترب من الواقع فقَد طابعه كحكاية ذات بعدين، فهو ليس رواية، بل سيرة مسطحة. وهذا النوع من الأعمال سهل الكتابة ويمكن صناعة عدد كبير من الأجزاء منه، فحلقة كاملة قد تضيع على وليمة أو تفصيل حذاء أو الذهاب إلى حمام السوق.
لا يبدو من منافس جدي لـ«باب الحارة» سوى «أهل الراية» ــــ تدور أحداثه في حارة «بير التوتة» المتخيلة ــــ وإن كان يشبهه، إلا أنه يحشد عدداً كبيراً من النجوم، ويبدأ بمقدمة غنائية ناجحة لملحم زين. لكن لا يخلو «أهل الراية» من الإطالة، فتضيع نصف ساعة من إحدى الحلقات، بين قراءة القرآن في عزاء، وعرس للنساء فيه رقص وغناء، ومولوية يؤدون رقصتهم في الحارة في عرس الرجال.
بقي أن نذكر أن زوّار الشام باتوا يشترون إضافةً إلى الأقمشة، والتحف الخشبية المطعّمة بالصدف، المسلسلات الشعبية المنسوخة على أقراص DVD. كما باتت مطاعم المدينة القديمة تحمل أسماء «باب الحارة» و«ليالي الصالحية» و«الخوالي». فيما استثمار «باب الحارة» وصل إلى مناديل ورقية، وإعلان للشوكولاتة. بل إن موقع تصوير هذه الأعمال التراثية في «القرية الشامية»، أصبح مقصداً سياحياً يجري الدخول إليه وفق أجر محدّد!