أحداث أيار في الإعلام: الصوت والصدى»، هو عنوان اللقاء الذي نظّمته جمعية «مهارات» أمس في بيروت: حضرَ الصحافيون، دارت النقاشات الحامية... غاب النقد الذاتي، وتعززّ الانقسام الداخلي

ليال حداد
غاب النقد الذاتي، أمس، عن اللقاء الذي نظّمته «مهارات» (جمعية أهلية تُعنى بالقضايا الإعلامية)، بعنوان «أحداث أيار في الإعلام: الصوت والصدى» في فندق «فينيسا» في بيروت. تحدّث كل الإعلاميين الذين حضروا، من مختلف الاتجاهات، وانتقدوا طريقة تصرف الإعلام خلال الأحداث التي شهدتها بيروت في أيار (مايو) 2008، كأنهم ينتقدون تصرفاً لم يكونوا شركاء فيه. تحدّث الجميع عن ضرورة خلق ميثاق إعلامي، وعن ضرورة العمل كي لا تتحوّل وسائل الإعلام اللبنانية إلى متاريس أو شركاء في الانقسام الداخلي. كان الكلام جميلاً ومثالياً وغير واقعي... إلى أن قطعت ديانا مقلّد (تلفزيون «أخبار المستقبل») هذه «اليوتوبيا» الإعلامية، فطلبت من الحاضرين التحدّث بجرأة وواقعية أكبر، «لأنه في الأحداث الأخيرة، جرى الاعتداء على محطة تلفزيونية وإحراق صحيفة، وهذا أمر يستوجب النقاش».
أعلن المجتمعون استنكارهم لما حصل، ورفضوا أي اعتداء على حرية الصحافة أو على أي صحيفة، باستثناء مداخلة واحدة أيّدت إقفال تلفزيون «المستقبل» أثناء أحداث أيار «لأنه كان يجب إسكات كل وسائل الإعلام التي تغّذي الفتنة وتجيّش الشارع».
كما تخلّل اللقاء عرض وثائقي يظهر الطريقة التي تعاملت فيها وسائل الإعلام، ولا سيّما المرئية منها، مع أحداث أيار. لم يعجب التقرير الجميع، وخصوصاً إعلام المعارضة الذي أبدى الاعتراض على بعص «الهنّات الهيِّنات التي وردت» كما قال، حبيب يونس (OTV).
لم يكن التقرير موضوعياً بالكامل، «على رغم أننا قسّمنا الفقرات المعطاة لكلّ وسيلة إعلامية بطريقة متساوية»، كما أكّدت المديرة التنفيذية لـ«مهارات»، رلى مخايل. ولعلّ أكثر ما أزعج بعضهم كان تصوير الوثائقي لصحيفة «الحياة» على أنها «التزمت الخبر بموضوعية خلال الأحداث»، فيما كانت الصحيفة نفسها بنظر هؤلاء، طرفاً واضحاً في الصراع، مع اتخاذها جانب الموالاة.
كذلك بدا واضحاً أن التقرير حاول التركيز على فكرة أن LBC كانت قناة موضوعية وبعيدة عن أي طرف سياسي. كذلك قسّم الوثائقي الفضائيات العربية إلى موالاة ومعارضة «حسب تصنيف المواطنين» كما جاء في الفيلم: فكانت «الجزيرة» أقرب إلى حزب الله، فيما تبنّت «العربية» موقف الحكومة، «حتى إنّ إحدى وسائل الإعلام الأخرى (في إشارة إلى NBN)، سمّتها القناة العبرية»، تقول دينيز رحمة فخري في التقرير. كما أغفل الشريط ذكر قرصنة المواقع الإلكترونية باستثناء موقع «القوات اللبنانية»، فيما أغلب مواقع الأحزاب تعرّضت للاختراق من جانب مجموعات مختلفة.
وأعقب الوثائقي نقاش تحوّل في كثير من الأحيان إلى جدال شخصي، ولا سيّما حين طالب جورج بكاسيني (صحيفة «المستقبل»)، بحماية وسائل الإعلام من إقفالها بالقوة كما حصل مع «المستقبل»، وحماية وسائل الإعلام من رجال السياسة الذين ينتقدونها ويتهجّمون عليها. فما كان من شيرلي المرّ (OTV) إلا أن ردّت بأنه يجب على وسائل الإعلام أيضاً نقل الحقيقة كما هي، من دون تشويه أو تحوير. وترجم بعض الحاضرين خلفية الجدل إلى أنه مرتبط بتهجّم رئيس تكتّل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون على صحيفة «لوريان لوجور»، بعد نقلها خبر «غير دقيق» في موضوع حادثة الطوافة في منطقة سجد.
من جهتها، شدّدت مخايل على أن «مهارات» كانت تهدف من وراء الوثائقي إلى فتح الجدل والنقاش بين الصحافيين، من دون الحكم على أي وسيلة إعلامية «فنحن لم نقل هذه الوسيلة كانت جيّدة وهذه لم تكن، بل تصرّفنا بمسؤولية كاملة».