صباح أيوب
كان من المفترض أن تناقش حلقة أوّل من أمس من برنامج Inter-Views (إعداد وتقديم بولا يعقوبيان على «أخبار المستقبل») موضوعين أساسيين: الإعلام الانتخابي واتهام الإعلام بتأجيج النزاعات الداخلية. ومَن استبشر خيراً مِن المشاهدين، لكون البرنامج سيتناول مسألة آنيّة «يعاني» منها الإعلام اللبناني، وسيستقبل ضيوفاً كوزير الإعلام طارق متري والصحافيين جان عزيز («أو تي في» و«الأخبار») ووسام سعادة (صحيفة «المستقبل»)... سرعان ما خاب أمله. ذلك أن الحلقة التي بدأت بالسؤال عن «حماية الصحافيين» و«لبنان الرسالة» و«تحصين الصحافة»، لم تتطرّق ـــــ لا من قريب أو من بعيد ـــــ إلى الإعلام الانتخابي. أما بالنسبة إلى دور الإعلام في تأجيج النزاعات الداخلية، فقد ظهر بشكل حيّ عبر مداخلات الضيوف: فكان الوزير والإعلاميون ومقدّمة البرنامج خير مثال على هذه النزاعات، وأثبتوا التهمة من دون حاجة إلى أمثلة خارجية.
متري الذي أطلّ من جنيف، وكان يمثّل الجهات الرسمية في الحلقة ـــــ أي الطرف الأساسي في النقاش والمساءلة ـــــ أعطي (ولأسباب نجهلها) حوالى 30 دقيقة فقط من مدة الحلقة التي استمرت ساعتين. هاجم الوزير إعلاميين، واتهم وصنّف الإعلام، وأبدى انزعاجه من «لغة التخوين التي لم تهدأ حتى بعد مؤتمر الدوحة». كما اعترف بكون الإعلاميين «يأتون إليه ليعترفوا عنده، ويشكون من القمع في مؤسساتهم». وفيما كشف عن نيّته إعداد «مدوّنة سلوك»، تلزم «العاملين في هذا المجال اعتماد أخلاق المهنة، وتحاسبهم إذا خالفوها»... مُنح حوالى 20 ثانية للحديث عن «الإعلام الانتخابي»: «قانون الإعلام الانتخابي المعتمد لا يمكن أن يُطبَّق في لبنان. لكني لن أستسلم!». أما الضيفان اللذان لم تُتَح لهما محاورة الجهة الرسمية المسؤولة، فما إن أُعطيا الكلام حتى انهال كلّ منهما على الآخر بالاتهامات. عزيز الذي انطلق من واقع أنّ «الإعلام هو امتداد للقوى السياسية المتصارعة»، جوبه بوابل من الشتائم والردود من «زميله» سعادة، ويعقوبيان نفسها. ذلك أن مقدّمة البرنامج لم تفصل بين دورها كمديرة للحوار، وكونها موظفة في مؤسسة تابعة لـ«تيار المستقبل». بل حاورت عزيز على طريقة: «هل من رأي آخر في إعلامكم؟» و«هل من تنوّع لديكم»؟ و... «لماذا تصرّون على تسمية سعد الحريري بـ«سعد الدين الحريري» في نشراتكم؟». وهكذا، طارَ الموضوع الرئيسي، انتهت الحلقة، وبقي سعادة يغرّد دفاعاً عن الطائفة السنّية و«تيار المستقبل»!


«مدوّنة السلوك»

في معرض حديثه عن «مدوّنة السلوك» التي يعمل عليها حالياً، أشار وزير الإعلام طارق متري إلى أن مشروعه الجديد سيحدّد أخلاقيات المهنة، كما هي الحال في بقية الدول. و«في غياب الدور الفاعل للمجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع»، ستقوم المدوّنة بمحاسبة الإعلاميين ومؤسساتهم أيضاً. واقترح متري تأليف «هيئة من مفكّرين محايدين»، يراقبون كيفية سير العمل في المؤسسات، واللغة المستخدمة من جانب إعلامييها. كما ستُمنح المدوّنة صلاحية محاسبة الصحافيين والمؤسسات التي ينتمون إليها، في حال مخالفتهم السلوكيات المنصوص عليها في هذه المدوّنة