شاكر لعيبييتوقف المثقف أمام أخبار كهذه لأنها تمسّ صميم علاقته بالتاريخ، وتطرح الدرس الأقسى: تاريخنا ليس بالنقاء الذي نزعم. شهد مؤامرات واغتيالات وخيانات وخلفاء خلعاء وزنادقة ومرتزقة وتدخّلات خارجية وأوكار دعارة منظَّمة من الدولة (انظر «رحلة ابن بُطلان» مثلاً) إلى جوار البطولة والزهد والفكر العظيم. ليس تاريخنا بالنقيّ المصفّى، مثل حياتنا الراهنة ومثل تاريخ قبيلتي عنزة وشمر وكل قبيلة وعريقة من عوائلنا الكريمة. لكنّنا ما زلنا نتجنّب كشف المستور انطلاقاً من أخلاقيات العائلة الفاضلة التي عليها طمر الفضيحة. إلا أنّ ما لا نرغب في رؤيته لا يعني أنّه غير موجود في الضمير الاجتماعي لأنّه «السيرة» الأخرى المطمورة في طبقة ثانية من التاريخ والضمير، وهذا سيقال بألف طريقة أخرى أشد فاعلية كالشعر البدوي المعروف في الجزيرة العربية، والمشحون بوقائع الطبقة المطمورة عمداً.
شهدنا منعاً لأعمال كبرى من عيون التراث العربي كـ«ألف ليلة وليلة»، لأنّها تقدِّم تصوراتٍ أقل ألقاً مما يتمنى بعضهم عن أخلاقيات المجتمعات العربية الإسلامية. لكنّ منعها لم يحل دون حضور الظواهر المعالجة فيها في ثقافتنا، بل عزّز حضور «الليالي» كاملة في مكتباتنا الشخصية.