بيار أبي صعب«سامحيني يا شجرة التين.../ أنا جعلت لأحزاني فأساً/ وأنا أغريتها بالجذور!». الشاعر السعودي عبد الله ثابت الذي صدر له «كتاب الوحشة»، قبل أيام، عن «دار الآداب» البيروتيّة، يطلّ من قلب لغة مألوفة ومغايرة في آن، ويقف فوق أرضيّة ثقافيّة تكرّست خلال عقد الثمانينيات في المملكة، بعد مواجهة قاسية مع الجيل التقليدي والخطاب المحافظ. نفكّر هنا بكتابات محمد الثبيثي، ومحمد الدميني، وخديجة العمري، وهدى الدغفق، ومحمد العلي، وعبد الله الصيخان... الناشر والمؤلّف يتفاديان تماماً أية إشارة مباشرة إلى الشعر. إنّه البوح في عفويّته الأولى التي تعطي ضمير المتكلّم حريّة المبادرة، والاستعادة، والتأمل. يمشي الشاعر غالباً على حافة اللغة، يستعير منها نبرة السرد تارة، ويتعامل معها بنزعة تجريبيّة مضبوطة تارة أخرى. كتابة فيها كل تأثرات المرحلة، ونزعاتها الجماليّة في الشعر السعودي، حيث التورية والرمزيّة والتجريد من مواصفات الانفلات والعصيان والقطيعة مع السائد. «أكتب كي أقول إنني لا أكتب فحسب.../ إنني أرتطم».
في الكتاب (عنوانه الفرعي «كائن يقف في الظلام ويقول شيئاً») هناك حضور للمصل والكحل والدم والحريق والخراب. النبرة الميتافيزيقيّة المغمّسة بحنين قروي غريب، تترك مكانها أحياناً لـ«اليومي». يُطلق عبد الله ثابت النثر على سجيّته. تستوقفك الرسوم أو الطلاسم التي تجانب نصاً يأخذك إليه عبر سرداب التداعيات. «تعالي/ سأحكي عن الدخان الذي يخرج ناحية الجبل/ عن مطر الأربعاء/ وثيابنا المرقّطة كالوحل...». عبد الله ثابت (أبها، 1973) يحاول حقاً أن يقول شيئاً.