اختار نصاً لمحمد جلال عبد القوي، وغامر مع رشا شربتجي، وسافر إلى مرسى مطروح والإسكندرية، بحثاً عن عالم جديد وشخصية مختلفة... ومع ذلك، لم ينسَ المشاهدون «حمادة عزو»!
محمد عبد الرحمن
«واحد اسمه نجيب»... مسلسل كتبه يوسف معاطي ليحيى الفخراني بعد «يتربي في عزو» العام الماضي. لكن الممثل المخضرم الذي يطل على جمهور رمضان منذ 28 عاماً، رأى أن الكوميديا لا يمكن أن تستمر بالقوة نفسها لعامين متتالين، فاختار نص محمد جلال عبد القوي وغامر مع رشا شربتجي وسافر إلى مرسى مطروح والإسكندرية، بحثاً عن عالم جديد وشخصية مختلفة، لعلّ الجمهور ينسى «حمادة عزو» و«ماما نونا». والصورة التي حاصرت مسلسل «شرف فتح الباب» في أيامه الأولى، لم تصمد طويلاً: هذا العمل الذي عانى مقارنة ظالمة بـ«يتربي في عزو»، يعدّ نموذجاً لسعي نجم بارز إلى تطوير أدواته عاماً بعد آخر. ومع ذلك، بقيت العيوب بارزة، ولعلها مرتبطة أساساً بالنص.
في «شرف فتح الباب»، عناصر قوة عدة. لكنّ النقد السلبي الذي واجه العمل في البداية، والذي وصل إلى حد اعتراض بعضهم على تقديم قضية رشوة في الشهر الفضيل، أثبت أن المتابعين يعانون انفصاماً في الشخصية النقدية... كيف لا، وهؤلاء أنفسهم يهاجمون مثالية يسرا الدائمة، ومطاردات «الدالي» لكل أبطال الجزءَين الأول والثاني. ثم ينتقدون يحيى الفخراني، لأنه يغامر بتقديم شخصية جديدة على الدراما العربية؟! ليس هذا فحسب، بل هاجم هؤلاء الأسس التي قامت عليها الشخصية الرئيسية، وتحولاتها الحادة من «الشرف» إلى «نسبية الشرف». وذلك، على الرغم من أن المسلسل يحذّر من غضب الطبقة الوسطى التي بدأت تتنازل عن مبادئها، بعدما شعرت بأنها تنهار بسبب سياسات الحكومة التي لا تهتم إلا بالأغنياء.
بالتالي، نسوا أن الدراما الناجحة هي التي تقدم حالات متباينة للإنسان في الموقف نفسه. وفيما رفضت الزوجة (هالة فاخر) عرض الحصول على رشوة ودخول السجن لعامين مقابل 2 مليون جنيه، اقنتص زوجها الفرصة، وهو الموظّف الذي ظل طيلة عمره نزيهاً، قبل أن تتعرض حياته كلها للخطر بسبب قرار حكومي (يُعنى بالخصخصة)، لا يعرف الأسماء بل الأرقام...
هكذا، تبدأ الأحداث مع صدور قرار بسجن شرف فتح الباب لمدة 15 عاماً. وحين يصبح خلف القضبان، يدرك أنه خاض معركة خاسرة مع مراكز القوى في شركته، وفيما كان يفكّر في الطريقة التي سيوصل بها المال إلى أولاده إذا مات في السجن، تدخل زميلته المحامية على الخط وتنجح في الإيقاع بالرؤوس الكبيرة. وهكذا، يخرج شرف فتح الباب من السجن، وتتأكّد براءته أمام الجميع، باستثناء زوجته التي تعرف سر المليونين.
حالة إنسانية استثنائية عبَّر عنها الفخراني من خلال خبرته الطويلة أمام الكاميرا: أن تصدّق طيلة الوقت أنك «شريف جداً»، لكن عندما تخلو بنفسك وتصلي... فلا يمكنك أن تنسى «المال الحرام».
وفيما ستنتهي الأحداث قريباً مع مفاجآت عدة، لعلّ أبرزها تعرّض شرف لمحاولة قتل، واكتشاف أولاده الحقيقة... لا بدَّ من تسجيل ثُغر عدة، وقع فيها المسلسل. هناك بطء الإيقاع في النصف الأول من الحلقات التي سبقت خروج البطل من السجن، وعدم الاستعانة بعدد من النجوم البارزين، إضافةً إلى افتقاد شخصية «سيد خردة» المنطق. فهذا الأخير يهدد شرف طيلة الوقت بكشف سره، لمجرّد أنه صنع الخزان الذي أخفى فيه البطل، المال. وذلك على الرغم من أن «خردة» لم يرَ المال بعينيه، وكان بإمكان شرف نفي الخبر من دون عناء. أضف إلى ذلك الازدواجية في شخصية الزوجة، فهي طلبت الطلاق في البداية اعتراضاً على قبول زوجها للرشوة، ثم وافقت فجأة على استغلال «المال الحرام»، بعدما علمت أن زوجها «الشريف سابقاً»، يسير في خطته من دون تراجع، ويخطط للزواج بالمحامية. وبالتالي، خافت أن تخسر وأولادها على جميع المستويات.
من جهة أخرى، يمثّل المسلسل خطوة أكثر ثباتاً للسورية رشا شربتجي في مصر (بعد «أولاد الليل» العام الماضي)، ويشهد تعاوناً ثانياً بين الفخراني ومحمد جلال عبد القوي بعد الفشل الذريع في «المرسى والبحار»، ويعيد اكتشاف هالة فاخر في أفضل أدوارها التلفزيونية، ويعطي دعماً للوجوه الجديدة. وعلى رغم كل الانتقادات، يسجّل للفخراني أنه فتح الباب مرة أخرى لقضايا، لم تكن الدراما المصرية تجرؤ على مناقشتها في الشهر الفضيل.


19:00 على «المستقبل»
20:30 على «س»