العناوين التجاريّة اجتاحت «معرض عمّان» على حساب الكتاب الثقافي، والناشرون العرب كلّفهم المتر المربّع ضعف زملائهم الأردنيين. أما الرقابة فكانت «بمبادرة فردية»!
أحمد الزعتري
اختتم «معرض عمّان الدولي للكتاب» تاركاً لدى الجمهور، ولدى أهل الثقافة والأدب والنشر، مذاقاً من المرارة والخيبة. صبري محمد موسى يصرّ على أن الدورة الـ 12 التي ترأس لجنتها الفنية، لم تشهد منع أي كتاب، غير أن عدداً لا بأس به من الناشرين أكّد أن عدداً لا بأس به من إصداراتهم لم يجد طريقه إلى الجمهور، سواء بشطب العناوين من القوائم قبل وصولها، أو بمصادرات «فردية»، طاولت كتباً عن «الدين والدولة» أو «سطوع نجم الشيعة»...
ومن جهة أخرى، فقد طغت الكتب التجارية على رفوف أجنحة العارضين، إذا استثنينا بعض دور النشر الرصينة طبعاً مثل «نينوى» و«الساقي» أو غيرهما. حتى إنّ روايات غسان كنفاني وجدت نفسها محاصرة بكتب من نوع «الخوف من ليلة الزفاف»، و«النكد صناعة نسائية»، وغيرها من المؤلفات التي تعنى بـ«الأبراج»... كل ذلك لم يمنع وجود بعض المفاجآت السارّة، إذ عرضت بعض الدور، مثل «النظم للنشر»، أعمال جيمس جويس وجاك لندن وفيرجينيا وولف وإدغار ألان بو بلغاتها الأصلية وبكلفة معقولة.
وككل سنة، انفرد اتحاد الناشرين بتنظيم المعرض بوصفه جهة غير رسمية، بالتعاون مع وزارة الثقافة وأمانة عمّان الكبرى. بينما استمرّ تجاهل مؤسسات ثقافية هامّة، مثل «مؤسسة عبد الحميد شومان» الخاصة التي أدت دوراً طليعياً خارج إطار المؤسّسة الرسميّة، في ما يتعلق بتوفير الكتب والمراجع والمصادر والدوريات العربية والأجنبية، إضافة إلى «جمعية النقاد الأردنيين»، أو «رابطة الكتاب الأردنيين» التي لم يتحمّس رئيسها سعود قبيلات لزيارة المعرض.
مدير دار «أزمنة» الأردنية، الروائي إلياس فركوح، رأى أن المعرض «من أضعف المعارض عربياً، من حيث موقعه وتوقيته والدعاية والأجور وقلة الإقبال». أما دار «الشروق» الأردنية، فاكتفت بمقاطعة التظاهرة بسبب تغيير المكان والزمان. إذ كان مقرراً أن يقام على استاد كلية الرياضة في الجامعة الأردنية، إلا أنّ الأخيرة اعتذرت عن عدم استقباله، فأقيم في كلية المجتمع العربي مقابل الجامعة الأردنية.
وفيما لوحظ غياب دور ناشطة في مجال الكتاب الثقافي، مثل «المدى» و«الآداب» و«الانتشار»، شهد المعرض مشاكل من نوع تنظيمي، إذ احتجّت دور النشر العربية أمام «اتحاد الناشرين»، بسبب حصول الدور الأردنية على تسهيلات مادية (50 دولاراً إيجار المتر المربع)، ميّزتها عن الدور العربية الأخرى التي دفعت ثمناً مضاعفاً لاستئجار أجنحتها. وقد تفاخر القيّمون على المعرض بأرقام «قياسيّة»: 130 ألف عنوان، قدّمها 200 ناشر عربي وأجنبي، بينهم 66 أردنياً، في أجنحة تراوحت مساحاتها من 6 إلى 15 متراً. وبمشاركة من الهند وإسبانيا وماليزيا وإيطاليا لأول مرّة. لكنّ هؤلاء لم يبرّروا مثلاً غياب الترويج الإعلامي للمعرض، ونفيه إلى مكان جديد ليس في متناول الجمهور.
أما بالنسبة إلى النشاطات التي أقيمت على هامش المعرض، فالسمة الواضحة هذا العام أن المنظّمين تجنبوا المحاضرات الفكرية والسياسية والفلسفية المثيرة للجدل. لكنهم أفسحوا مجالاً مرموقاً للعظة الدينية بعد صلاة العشاء! أقيمت ندوة تكريمية للباحث والشاعر خالد الكركي الذي كان «شخصية المعرض»، ومحاضرة أخرى عن تجارب روائيات عربيات شاركت فيها شهلا العجيلي (سوريا) وميرال طحاوي (مصر).
وقد حضر المعرض الشاعر أمجد ناصر، لتوقيع أعماله الكاملة، وشارك الشعراء عبد الله رضوان، يوسف عبد العزيز، نبيلة الخطيب، زليخة أبو ريشة، موسى حوامدة ولينا أبو بكر في عدد من الأمسيات الشعرية. كما نظمّت ندوة عن تجارب روائيين عرب بمشاركة الأدباء محمد علي اليوسفي (تونس)، وأمين صالح (البحرين)، وعبده خال (السعودية)، إضافة إلى كتّاب وفنانين من العراق، بينهم علي عبد الله، علي السوداني، عواد علي، عبد القادر ناصر، رافع الناصري، هدية حسين، وعلي بدر. وأخيراً، عقد الباحث المصري زغلول النجار ندوة عن الإعجاز العلمي في القرآن.