خليل صويلحعلى الرغم من حالة الذهول التي أصابت رياض الريّس لحظة سماعه نبأ رحيل محمود درويش، فقد تمكنّا من التقاط بعض مشاعره الأولى في فجيعته. لم يصدق الخبر أولاً، وقد انشغل هاتفه الخلوي بالاتصالات، وخصوصاً أنّه موجود في دمشق للمشاركة في فعاليات معرض الكتاب. ووسط حزنه الشديد وتقبّله العزاء بفقدان الشاعر، اتصل بجريدة “النهار” لحجز إعلان بالاتفاق مع رفاقه لإقامة يوم عزاء في ساحة الشهداء في بيروت، يوم الجمعة المقبل. وأبدى استياءه من استنفار المهرجانات العربية لتكريم الشاعر على عجل. في صبيحة أمس اتصلنا برياض الريّس هاتفياً للاطمئنان عليه، فأجابنا بكلام مرتبك: “ماذا أقول: مات شاعرنا الكبير؟”. ثم صمت قليلاً وأضاف: “ودّعتُ محمود درويش هاتفياً قبل رحيله بأسبوع، وقال لي إنّ الفيزا إلى أميركا قد وصلته أخيراً، بفضل مساعي السلطة الفلسطينية لدى وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس. أجبتُه: ما دمت قد قررت الرحلة وإجراء العملية الجراحية، أتمنّى أن تعود منها سالماً. لكن قل للسلطة وقد كرّمتك بأمرين: الأول إصدار طابع بريدي بصورتك، والثاني تسمية ساحة في رام الله باسمك، أنّها استعجلت في ذلك. قال محمود: الطوابع معقولة. أمّا الساحة فقد فاجأني الناس بطلب استئجار أماكن فيها، كأنني المالك، ولم يقتنعوا بأنّني لا أملك سوى الاسم. لم أخفِ عن محمود تشاؤمي بتسرّع السلطة في إقامة الساحة وإصدار الطوابع، فكان جوابه: ليكرّموني الآن، أفضل من أن يكرّموني بعد موتي. محمود درويش هو أمير حقيقي للشعر لم تعرف الأمة العربية مثله منذ رحيل أمير الشعراء أحمد شوقي قبل 70سنة. والكلام عن محمود يطول، وخاصة لمفجوع مثلي عاصره شعرياً طوال عقود، وعرفه صديقاً وحبيباً وناشراً لكتبه. لا عزاء لأحد بموت محمود درويش”.