بشير صفيرلطالما اتُّهم الفنان زياد الرحباني بإطلالاته القليلة، وهو مُطالَب دائماً من محبّيه بجديد يروي (عبثاً) غليلهم. لكنْ إذا قمنا بجردة لنشاطات السنوات الأخيرة، نرى أنّ هذا الاتهام باطلٌ، وما المطالبة الدائمة إلاّ من باب العشق الذي يخربط العلاقة الطبيعية بين الشوق والوقت. وإذا كان صحيحاً أنّ زياد مجحف نسبياً في إنتاجه الفني، فالسبب الأساسي في ذلك يبرّر غاية فنية ترتقي إلى مستويات إنسانية بالمعنى الماركسي: تقديم النوعية الأفضل، بمهنيّة مسؤولة (قد لا يقدرها «المطالبون» أنفسهم).
بما أنّ جديد زياد اليوم هو إطلالة موسيقيّة حيّة، نحصر رصدنا إذاً بأبرز الحفلات وذلك خلال فترة محدودة (منذ عام 2000)، إذ يستحيل الإحاطة بتقديمات هذا الرجل الاستثنائي بنشاطه وانتاجيته العالية في أكثر من مجال.
بعد حفلات آخر التسعينيات، أطل زياد الرحباني عام 2000 مع السيدة فيروز في مهرجانات بيت الدين، فأشرف على البرنامج وتولى التوزيع الموسيقي وشارك عزفاً على البيانو. وتكرّر السيناريو نفسه حتى عام 2003 (باستثناء حفلات عام 2002 التي افتقرت إلى بيانو زياد). حفلات موسم عام 2003 في بيت الدين، سبقتها إطلالة ببرنامج مماثل (مع فروقات قليلة) لفيروز وزياد في دبي التي عاد إليها زياد عام 2005 لتقديم Da Capo مع فرقته، قبل أن يعلن السنة الماضية عن حفلتين في بيروت (الأونيسكو) حملتا العنوان ذاته.
في عام 2001، وبُعَيد صدور «مونودوز» (مع سلمى مصفي)، قدّم زياد مع غسان الرحباني (الذي كانت له مشاركة غنائية في هذا الألبوم) حفلتَين بعنوان «منيحة» في مدرسة «مون لا سال» (عين سعادة)، انقسم فيهما البرنامج بين أغنيات لغسان وأعمال لزياد، معظمها من «مونودوز».
وفي عام 2004، قام زياد بجولة بين الجبل والشمال، فقدّم برنامجاً كلاسيكياً في ثلاث حفلات في بعقلين، تلتها ثلاثٌ أخرى في «لاس ساليناس» (أنفه). وفي السنة نفسها، شارك زياد إلى جانب خالد الهبر في الاحتفال بالعيد الثمانين لتأسيس الحزب الشيوعي اللبناني (حفلتان في قصر الأونيسكو، تلتهما حفلة في الإطار ذاته في معرض رشيد كرامي الدولي ـــــ طرابلس)... أما آخر لقاء لزياد مع الجمهور، فيعود إلى أيلول (سبتمبر) الماضي، عندما شارك إلى جانب فنانين عدة من سوريا ولبنان، في إحياء العيد الأول لـ«جريدته»، «الأخبار»، في الأونيسكو.
من جهة ثانية، تنقّل زياد وفرقته بين العديد من الحانات البيروتية، وقدم في إطار ثابتٍ أو عابر أمسيات طغت عليها موسيقى الجاز.