«كلنا نخطئ، لكن المهم أن يدرك الشخص خطأه ويجرّب الاعتذار». عبارة تقولها «مس حياة» (ريتا حرب) مخاطبة تلميذيها بهذه العبارة المستهلكة بعد معركة تقليدية تليها صلحة معتادة لنكتشف عند الحلقة العاشرة من مسلسل «حياة سكول» (عن قصة أجنبية سيناريو رامة حيدر وإخراج جيسكا طحطوح) بأنها الجملة اليتيمة التي تشي بفائدة أو توحي بمعنى ما (الأخبار 10/1/2015).
رغم سذاجتها وتكرارها يومياً، إلا أنها الجملة الوحيدة التي يمكن الإفادة منها في المسلسل وسط خوائه من عناصر الدراما. قد يشعر المشاهد بأنّ هذه الحكمة الجامدة هي المشهد الأكثر إثارة في العمل الطويل (150 حلقة مدّة كل حلقة حوالى 22 دقيقة) الذي يؤدي بطولته: ريتا حرب، ورانيا عيسى، ونيكولا معوض، وجوزيف حويك، وعماد فغالي، ومجموعة من التلاميذ الذين يقفون للمرة الأولى أمام الكاميرا.
يعالج قضايا التعليم
بطريقة إخبارية وتقريرية
هكذا، نتابع سيرة المعلّمة حياة التي تبدأ القصة منذ لحظة طلاقها ومحاولات والدها (جورج دياب) مساعدتها من خلال دفعها نحو العمل كي تنسى معاناتها. وعند عودتها إلى مهنتها الأساسية كمدرّسة لغة عربية تواجهها تحدّيات في المدرسة الثانوية، لأنها أمام أزمات جيل بكالمه وحساسية مرحلة عمرية هي فترة المراهقة. كذلك تمرّ القصة بمحاذاة الحالة التعليمية المتردية في لبنان، ولا تكتمل إلا ببهارات الحب الذي يكون بطله أستاذ الموسيقى (نيكولا معوّض). لكن مهلاً، كيف يمكن للعمل أن يكون بهذا المستوى المتهالك وهو يطرح مجموعة من أهم المشكلات التي يعانيها المجتمع اللبناني، بدءاً من الانحراف الذي يبدأ مع الشباب في المراهقة والآفات الاجتماعية التي تلاحقهم.
كما يمرّ «حياة سكول» بمشاكل التعليم وتهاوي مستواه، وصولاً إلى الحديث عن هجرة اللبنانيين. ثم يطرح حالات حبّ كلازمة ضرورية لأيّ قصة درامية، كونها جزءاً أساسياً من أيّ واقع. لكن معالجة تلك القصص لم تكلّف نفسها سوى بتعداد المشاكل بشكل تقريري وإخباري بحت من دون وجود قصّة محبوكة أو تصاعد درامي مشوّق، أو حتى أداء تمثيلي يفي بالغرض ويعوّض عن غياب بقية العناصر، باستثناءات نادرة لأداء التلميذة جنيفير عازار رغم وقوفها للمرة الأولى أمام الكاميرا. يكفي بأن ينطلق العمل من قصة سيدة مطلّقة ليوحي لنا بأنه يعاين مشكلة شريحة معينة ونظرة المجتمع إليها. كذلك يعتقد المشاهد أن مجرّد الانطلاق من مدرسة يكفي لمعالجة قضايا المراهقين، فيما يخال أن مجرّد الكلام المكرور في كواليس المدرسة هو بمثابة تسليط الضوء على المشاكل التعليمية! كل ذلك في كفّة والتناقض الذي تقع فيه الشخصيات في كفة ثانية. نشاهد في الحلقة الثانية مثلاً المدرّسة فلك (جناح فاخوري) وهي واحدة من المعلّمات المتشددات في مشهد يعتبر بُنية تأسيسية للشخصية، وهي تقول لزميلتها حياة: «هيدا الجيل بدك تجيه من فوق، هيك ما بيمشي الحال. مش بس هيك، بدك تضرب بإيد من حديد». ونراقب حذر الطلاب وخشيتهم منها، ثم نفاجأ في الحلقة الرابعة بحرص يتناقض مع ما سبق، عندما تقول في اجتماع المدرسين «لازم نعرف سبب المشكلة مش هيك فوراً نعاقب الطلاب ونحكم عليهم بمستقبل غير صحيح»؟!. يبدو أنّ «مروى غروب» (مروان حداد) المنتجة لـ «حياة سكول» فهمت لعبة الـ «سوب أوبرا» بشكل خاطئ، وظنّت أنّها مجرد صفّ كلام، فلا حبكة ولا حتى حرفة ممثلين تتمكّن من رفع السوية، فأنجزت العمل. ربما يحتاج صنّاع المسلسلات الطويلة إلى إعادة مشاهدة «تخت شرقي» (كتابة يم مشهدي وإخراج رشا شربتجي)، فالعمل الثلاثيني يحمل كلّ مقوّمات العمل الطويل الذي يطرح يوميات شخصياته بإتقان يخوّله الاستمرار حتى مئات الحلقات.

* «حياة سكول» 19:00 من الاثنين إلى الجمعة على mtv