بيار أبي صعبتصوّروا لحظة الأستاذ عبقر، يعطي ـــــ من معلفه الضيّق ــــ دروساً في الحريّة وحقوق الإنسان. قبل أسابيع أراد أن يتضامن مع سلمان رشدي (بعد ردود الفعل على تكريم ملكة بريطانيا له)، وذلك طبعاً من منبره الليبرالي، التقدمي، المشغول بقضايا الديموقراطيّة والعلمانيّة والتغيير والتقدم و... (كدنا ننسى) حريّة التعبير، فإذا به يكتشف أن نوّاف الموسوي، ينتمي إلى «ولاية الفقيه»، وهي خبطة صحافيّة حقّاً. لكننا، في تلك المقالة الجريئة جدّاً ــــ التي أكلت عناوين الكتب الممنوعة في إيران، مع أسماء المؤلّفين، أكثر من نصفها ــــ لم نجد سطراً واحداً يدافع فيه عن حقّ سلمان رشدي، وأي كاتب في الدنيا، في كتابة ما يشاء. ويعلن موقفاً واضحاً وقاطعاً ــــ كما فعلنا في «الأخبار» ــــ ضدّ «ذهنيّة التحريم» بكلّ أشكالها.
وأخيراً وقف الأستاذ عبقر لتحيّة زياد الرحباني في مناسبة حفلاته الدمشقيّة الأخيرة، فتكرّم على الفنّان اللبناني بشهادة حسن سلوك في الوطنيّة والاستقلاليّة، «على رغم إطلالته الصحافية في جريدة يُقال ـــــ بل يقول بعض العاملين فيها ـــــ إن حزب الله يقف وراءها». قبل أن يعتب عليه لأنّه «لم يوجّه أي تحية، ولو عابرة، إلى سجناء الرأي والكلمة في السجون السورية».
لا بد من أن يتحلّى المرء بقدر كبير من الذكاء والوعي والدقّة والنزاهة والدراية السياسيّة، لكي يكتب مثل هذا الكلام، من دون أن يدنّس قلمه طبعاً بذكر تلك الجريدة الخطيرة التي يقدَّم للرأي العام بشأنها سبق صحافي خطير، نقلاً عن مصادر موثوق بها! وعبقريتو ـــ كما هو معروف لدى الجميع ــــ فارس مقدام، لا يتوانى عن شيء، بل يعرّض نفسه لكلّ المخاطر، من أجل أن يقول ما يفكر فيه، ويدافع عن القضايا التي يؤمن بها!