بشير صفير في عام 1996، عندما تخرّج كارن درغاريان، الطالب في «كونسرفتوار يريفان الوطني»، لم يكن يتوقّع أنه سيتولى بعد أربع سنوات فقط قيادة الأوركسترا في حفلات السيدة فيروز «الديفا التي لم أكن أعرفها سوى من والدَيّ اللذين كانا يستمعان إلى أغانيها». منذ 2000، بات كارن الشخصية الموسيقية الأساسية في مسيرة فيروز. غاص في عمق إبداعات الرحابنة وفي المدرسة «الزيادية» المجدِّدة التي أذهلته تركيبتها الرائدة غير المنسلِخة عن الشعب وهويتها العالمية غير المنسلِخة عن الشرق.
ولد كارن في يريفان «التي لو لم أكن أعيش فيها، لاخترت السكن في بيروت لا محالة». وفي 1995 عُيِّن قائداً مساعداً للأوركسترا الفلهاومونية الأرمنية. وعام 1996 تولّى الإدارة الموسيقية للمهرجان الدولي «بريتن وأرمينيا» في يريفان، قبل أن يدير ويقود منذ 1997 أبرز الأوركسترات الأرمنية (وأخرى أوروبية) التي قدّم معها العديد من الأعمال الأوركسترالية السيمفونية (أعمال لبيتهوفن وبروكوفياف، وخاتشاتوريان،...) والأوبرالية («كارمن» لبيزيه، «نورما» لبيليني، «أوجين أونيغين» لتشايكوفسكي، «دون جيوفاني» لموزار،...).
منذ 2000، بدأ كارن درغاريان مسيرته الفنية مع السيدة فيروز، فقاد الأوركسترا المرافقة لها في بيت الدين، ومن ثم في الإمارات العربية والكويت وفرنسا وأميركا والأردن وكندا، والبحرين....
في حفلاته مع فيروز، كان كارن ينفذ إجمالاً توزيعات زياد الرحباني لأعمال الرحابنة (وغيرهم)، أو موسيقى الأخير وأغنياته الخاصة، أو تلك التي وضعها لوالدته. قبيل قيادته الأوركسترا للمرة الأولى إلى جانب زياد من دون فيروز، أي في حفلات دمشق الأخيرة، قال كارن: «زياد يعيش بين جمهوره، لذا علاقة محبّيه بموسيقاه تحكمها الأحاسيس قبل أي شيء. لكن مدرسته ستعرف التقدير الحقيقي بعد خمسين أو ستين عاماً، تماماً كما حصل لأعمال باخ مثلاً التي لم تُقدّر كما يجب إلا بعد غيابه... إنه كهياكل بعلبك التي نرى فيها اليوم معجزة معمارية ونقدّرها أكثر من الذين كانوا هنا عندما شُيِّدت. لكنّ زياد يشعر بمعاناة الناس، ولا يستطيع أن يؤلّف في الأزمات. لذا أتمنى أن يحلّ السلام في المنطقة لكي يتفرّغ هذا المبدع للتأليف...». وهذا ليس إلا عيّنة من رأي كارن بزياد، فتحيّة إلى الاثنين.