غزّة | كعادته، يغسل الاحتلال الإسرائيلي يده من الجرائم التي يقترفها بحقّ الفلسطينيين، إذ تنصّل أخيراً من دم الصحافيين الذي أراقه في حربه الدموية الأخيرة على قطاع غزّة. ويبدو أنّ صورته المهزوزة وتفاعلاتها المتسارعة في الرأي العام الدولي دفعته إلى فبركة الحقائق بغية استعادة وزنه وحضوره، لكنّ هذه المحاولة ارتدّت عليه سلباً.
ورغم أنّ المؤسسات الإعلامية والحقوقية لم توثّق استشهاد 17 صحافياً في القطاع المحاصر إعتباطياً، ارتأت «القناة السابعة» الإسرائيلية أنّه تمّ «التلاعب» بقائمة الصحافيين الشهداء. القناة التي نشرت أخيراً تقريراً مضلّلاً بعنوان «من هم الصحافيون الذين قُتلوا في غزّة»، استندت إلى فحص أجراه «مركز معلومات الاستخبارات والإرهاب». كما اتهمت «نقابة الصحافيين» ووزارة الإعلام في غزّة بالتستّر على هوّية الشهداء «الإرهابية»، على حد وصفها.
ورغم أنّ هذه الحيلة المكشوفة لا تنطلي على الصحافيين ممّن كانوا شهوداً على قتل الاحتلال لزملائهم خلال الحرب الأخيرة، غير أنّ المحطة حاولت حبكها بتحديد ثلاثة مستويات للعلاقة بين الصحافيين الشهداء وحركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، إذ اعتبرت أنّ ثمانية منهم «نشطاء» في الحركتين المذكورتين ويعملون لصالحهما.
حددت «القناة السابعة»
3 مستويات للعلاقة بين الضحايا وحركتي «حماس» و«الجهاد»

وتمادت «القناة السابعة» في خلط الأوراق بالقول إنّ «الدرجة العليا في العلاقة بين الصحافيين والتنظيمات تتمثّل في صحافيين اثنين قُتِلا، وهما يرتديان ملابس عسكرية، ويحملان السلاح أثناء نشاطهما الإعلامي في الوحدات العسكرية» التابعة لـ«حماس» و«الجهاد الإسلامي».
كذلك سردت المحطة طبيعة الدرجة المتوسطة والمتدنيّة في العلاقة، إذ صنّفت «النشطاء ممّن يمارسون نشاطهم الإعلامي في وسائل إعلام تنظيمية أو محلية في قطاع غزّة» ضمن الدرجة المتوسطة، فيما كانت العلاقة المتدنيّة من نصيب صحافيين لا يحملون صفة عسكرية، ولكنّهم عملوا لصالح فضائية «الأقصى» وصحيفة «الرسالة» التابعتين لـ«حماس»، على حدّ تعبيرها.
ورغم أنّ الصور ومقاطع الفيديو تشهد على عدم الازدواجية الوظيفية للشهداء، وخصوصاً الذين قضوا في منازلهم أو في الميدان الصحافي، إلّا أنّ «القناة السابعة» الإسرائيلية اعترفت فقط بقتل الاحتلال «ثلاثة صحافيين خلال تغطيتهم للمعارك»، من دون أن تحمّله مسؤولية موت باقي الصحافيين، بحجّة «وجودهم في أماكن شهدت معارك استخدمت فيها التنظيمات الفلسطينية المدنيين كدروع بشرية». كما نفَض الاحتلال يديه عن قتل الصحافييَن الفلسطيني والإيطالي اللذين قضيا خلال محاولة شرطة المتفجّرات الفلسطينية تفكيك صاروخ أُطلق من طائرة إسرائيلية، ولم ينفجر لحظة سقوطه في شمال القطاع.
من جهتها، دحضت وزارة الإعلام في قطاع غزّة المزاعم التي أوردها تقرير القناة، واضعةً إيّاها في إطار «حرف الأنظار وتوجيهها إلى جدل حول أعداد الشهداء الصحافيين وخلفيتهم المهنية، في وقتٍ تتنامى فيه العزلة الدولية للاحتلال». كما بيّنت الوزارة أنّ «جميع جرائم الاحتلال بحق الصحافيين خلال العدوان الأخير، وُثقت عبر تقارير صادرة من جهات فلسطينية ودولية، وعلى رأسها «الاتحاد الدولي للصحافيين».
واستشهدت كذلك بتقرير وكالة «أسوشييتد برس» الاستقصائي الذي خلص إلى تعمّد الاحتلال استهداف الصحافيين بشكل مباشر.
وفصّلت الوزارة الادعاءات الإسرائيلية حول انخراط الصحافيين في النشاط العسكري، نافيةً بشكل قاطع صلة أيّ من الشهداء بفصائل المقاومة، مؤكدةً أنّ «غالبيتهم كانوا يعملون لصالح مؤسسات إعلامية معروفة لحظة استشهادهم، وفي مهمات صحافية خالصة، بينما عدد آخر استشهد جرّاء قصف الاحتلال لمنازلهم بشكل مباشر».
والدليل على ذلك ما حدث مع الصحافيين الشهيدين محمد ضاهر وعاهد زقوت في منزليهما في الشجاعية (شرق غزة) وخزّاعة (جنوب القطاع).