السيناريو يشبه ما حصل في الأشرفية في آب (أغسطس) الماضي، لدى إقدام شبّان على إحراق علم «داعش». يومها، طلب وزير العدل أشرف ريفي ملاحقتهم. واليوم، يحصل أمر مشابه مع المخرج والكاتب شربل خليل، الذي أعاد قبل أسبوع نشر (ريتويت) خبر على تويتر، كانت قد تداولته مواقع إخبارية بعنوان: «غرفة خاصة للنكاح الشرعي «جهاد النكاح»»، يتضمّن صورة لامرأة تغطي جسدها من الأعلى، وتكشف عن ساقيها، أثناء جلوسها على سرير مغطّى بعلم «داعش»، الذي يحمل طبعاً الشهادتين الإسلاميتين: «لا اله الا الله، محمد رسول الله».
إعادة النشر هذه لاقت تفاعلاً كبيراً على صفحة خليل على تويتر، إلى أن وصلت اليوم إلى طلب مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان من ريفي تحريك النيابة العامة بخصوص ما نشره خليل، لأنّه «يثير النعرات الدينية والمذهبية، وينال من الوحدة الوطنية»، وفقاً للمادة 317 من قانون العقوبات.
هذه الحادثة وتبعاتها، تفرضان مناقشة حرية التعبير، ولا سيّما عبر السوشال ميديا، والتنبّه من الوقوع في الفخ الداعشي عبر الدفاع عن الجماعات التكفيرية تحت عباءة حماية الدين الإسلامي. هنا، تُطرح إشكالية التضييق على الحريات وتحجيم مساحة النقد، وخصوصاً الساخر منه، لهذه الجماعات التي بدأت تتسع رقعة انتشارها شيئاً فشئياً تحت عناوين مختلفة.
يضع خليل الموضوع في إطار «الاستهداف الشخصي»


محامي مؤسسة «مهارات» طوني مخايل يوضح لـ«الأخبار» أنّ هذه الحادثة تندرج ضمن قانون العقوبات العامة، لا المطبوعات، لأنّ النشر لم يجرِ عبر أي وسيلة إعلامية، لافتاً إلى أنّ ما حدث يقع تحت مادة في قانون العقوبات تتحدث عن «أي شخص يُقدم على تحقير الشعارات الدينية التي تمارس علنية وصولاً إلى ازدرائها». وهذه المادة تراوح عقوبتها بين الحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات، من دون وجود غرامة مالية.
ويشدد مخايل على أنّه على القضاء أن يكون على اطلاع على حيثيات القضية وسياقها، ولا سيّما أنّ شربل خليل شخصية عامة، ويعمل في مجال النقد السياسي. وبالتالي، تقع إعادة نشر تغريدة «جهاد النكاح» حكماً ضمن النقد السياسي لا الديني: «النية هنا واضحة». وما يؤكد هذه النظرية، بحسب مخايل، أنّ المخرج اللبناني «لطالما أدى في برامجه دوراً في التحذير من مغبة الإرهاب الذي يلبس لبوس الدين، وهذا بالتأكيد يخدم المصلحة العامة».
تكتسب هذه القضية طبعاً أبعاداً عدة، بما أنّ سلطة دينية تدخلت وأوعزت إلى القضاء بالتحرّك. وفي هذا السياق، يرى مخايل أنّ من شأن ذلك بلا شك التأثيرلأنّ «صوت المفتي مسموع أكثر من غيره»، لكن هذا الإيعاز، «لا يقع سوى في خانة الإخبار». في الوقت عينه، لا ينفي المحامي اللبناني حساسية موقف السلطات القضائية، التي تتدرّج من النيابة العامة التمييزية إلى الشرطة الجنائية وصولاً إلى النيابة العامة الاستئنافية في بيروت، التي ستفصل في ما إذا كان في الأمر «تحقير»، أو أنّه سيصار إلى حفظ الملف. ويبقى التعويل على نزاهة القضاء، الذي سينظر إلى كلية الحادثة، لا إلى جزئية منها، كالعبارات الإسلامية على سبيل المثال.
من جهته، يحصر خليل الموضوع في إطار «إعادة النشر»، كما فعل ربّما آلاف المغردين. وفي اتصال مع «الأخبار»، يلفت إلى أنّه في الإسلام «ناقل الكفر ليس بكافر»، مستنداً إلى ما قاله قبل أيام مفتي الشمال وطرابلس مالك الشعار، عن أنّ الرايات السود «باتت ترمز حكماً إلى داعش». ويتساءل مستغرباً: «هل صورة امرأة تجلس على علم «داعش» حرّكت القضاء، فيما بقي هذا الأخير صامتاً إزاء مشاهد الذبح والقتل والاغتصاب تحت الرايات السود؟»، واضعاً كل ما حدث في إطار «الاستهداف الشخصي من قبل كل المروّجين للعصبيات الطائفية في لبنان، لأنّني أقف في وجههم».