ليال حداد29 مدوّناً من 10 دول عربية، شاركوا في الاجتماع الأول للمدوّنين العرب الذي استمر ثلاثة أيام (اختتم أمس) في «زيكو هاوس»، ونظّمته «هينريخ بل» الألمانية، وهي مؤسسة غير حكومية تعنى بنشر الديموقراطية. هؤلاء جاؤوا إلى بيروت، ليتحدثوا عن تجاربهم في التدوين، وتعاطيهم مع القمع والتشديد الإعلاميَين اللذين تمارسهما الأنظمة العربية على مستخدمي الإنترنت. وفيما كان من المقرر أن يستخدموا أسماء مستعارة وأن يكون اجتماعهم سرياً، رفعوا سقف التحدي. فإذا بلقائهم يخرج إلى العلن، وشهاداتهم تقدّم بأسمائهم الحقيقية.
تنوّعت القصص: فمنهم من انطلق إلى التدوين هرباً من الأنظمة، ومنهم من لجأ إليه كفرصة للتغيير، ومنهم من سبر أغواره بحثاً عن كشف الحقيقة. حقيقة، رأى رامي مهداوي، من فلسطين، أنها باتت ملحّة لإظهار مدى الانحياز الذي ينتهجه الإعلام الغربي في تناول القضية الفلسطينية. فيما رأى علاء حمد من مصر أن التدوين أصبح أبرز طريقة للتغيير داخل بلاده، حيث يتجاوز عدد المدوّنات 80 ألفاً. وأعرب المشاركون المصريون عن تفاؤلهم بإمكان «فكّ الحصار»، لأن «المدوّنين الذين يرفضون كشف هوياتهم باتوا قلّة».
أما القصة الأكثر تشويقاً فكانت تلك التي رواها الباكستاني شاناد بحريني الذي كان يعمل في البحرين. ذلك أن كتاباته عن أوضاع العمال الأجانب في الخليج، دفعت بالسلطة إلى إصدار قرار بمنعه من دخول البحرين، إلا إذا وافق على الخضوع للتحقيق ودخول السجن. كذلك تحدّث البحريني علي عبد الإمام، المشرف على أبرز منتديات البلاد «بحرين أونلاين»، عن اعتقاله من جانب أجهزة الأمن، بعدما فتح الأعضاء نقاشاً لم يُعجب السلطة.
وبعيداً عن ملاحقة المدوّنين وإغلاق مواقعهم، تحدّث المشاركون اللبنانيون عن تجاربهم واندفاعهم نحو تغيير من نوع آخر. هؤلاء يبحثون عن طرق فعّالة لإلغاء الطائفية المستشرية في المجتمع. وكانت المدوّنات في لبنان قد نشطت بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، إلا أنّ «الطفرة» جاءت خلال عدوان تموز. يومها، وبموازة الحرب الميدانية، شنّ الإسرائيليون حروباً افتراضية على المدوّنات اللبنانية المساندة للمقاومة، كما أوضحت مارينا خوري. وأكدت هذه الأخيرة أن الحرب لم تقتصر على اللبنانيين والإسرائيليين فقط، بل شهدت نقاشات حادة بين اللبنانيين أنفسهم، بعدما أعلن بعضهم دعمه الصريح لإسرائيل. كما لفتت باميلا شرابية إلى نسبة المدوّنين اللبنانيين الكبيرة في الخارج، ولا سيما فرنسا، «وهم أكثر فعالية من المدوّنين في الداخل. إذ إن هدفهم الرئيسي هو بناء ذاكرة للحرب، وتعريف العالم على بلدهم».
يذكر أن اختيار المدوّنين المشاركين في الاجتماع، تمّ على أساس نشاطهم الاجتماعي والسياسي في مدوّناتهم، بهدف تشجيع عملية التدوين في العالم العربي، وتعزيز التعاون بين المدوّنين ومنظمات حقوق الإنسان، وحماية الصحافيين «في هذه المنطقة الموبوءة بحكم سلطوي وبمظالم خطيرة عدة»، كما أوضحت «هينريخ بل».