باسم الحكيمغيّب الموت أمس الملحّن اللبناني سعيد الناشف عن عمر ناهز الثمانين. وللناشف تاريخ طويل مع الفنّ والتلحين. فمنذ كانت إذاعة لبنان في مقرّها القديم في السرايا الكبيرة، كان سعيد الناشف أحد أركانها مع توفيق الباشا وحسن غندور وعفيف رضوان وسواهم في أواخر الأربعينيات. من بلدة مغدوشة الجنوبيّة قصد منطقة زقاق البلاط في العاصمة، حيث عاش لسنوات يعمل خيّاطاً فيها. وعندما احتاجت الإذاعة إلى مواهب شابة للإنشاد في الكورس، هجر سعيد الناشف عمله كخيّاط، ودخل في فرقة الإذاعة، وسرعان ما صقل معارفه، متتلمذاً على أيدي المتخصصين في الإذاعة، وأبرزهم سليم الحلو وعبد الغني شعبان ثم توفيق الباشا، كما شارك في مجموعة من حلقات الزجل. ولم يتأخّر الناشف، حتى بدأ يغزل الألحان التي كتب كلماتها شعراء تلك المرحلة: عبد الجليل وهبي، مارون نصر وميشال طعمة وسواهم.
وخلال حياته الفنيّة التي امتدت نصف قرن، لحّن لمجموعة من المطربين، وأسهم في تلحين أغنيات أكثر من مسلسل إذاعي للراحلة نور الهدى، وبينها «الغريبان» و«نـوّاره». كما غنّت له أيضاً بعد عودتها من القاهرة أغنيات وموشحات بينها: «أحبابنا يا عين»، «أقول وقد ناحت بقربي حمامة» (شعر أبو فراس)، كتاب «الرضا أهلاً وسهلاً» (البهاء زهير)، بالإضافة إلى الراحل نصري شمس الدين، أحلام، حياة الغصيني، خليل المير، لمعان، ومحمد زين.
يصفه مدير الإذاعة فؤاد حمدان بالشخصيّة الإذاعيّة المعروفة، «فهو من الفنّانين الذين أمضوا أكثر من نصف حياتهم بين جدران الإذاعة اللبنانيّة، ورافق كبار الفنانين فيها، كما خصّصت له حلقات في برنامج «ركن الملحن»، كسواه من الملحنين، حيث قدّمت فيه ألحانه وأغنياته». ويتذكر الشاعر نزار الحر رحلة طويلة من العمل أمضياها معاً، «كل ما كتبه ولحّنه سعيد (الناشف) موجود في مكتبة الإذاعة، ويضم الأغنيات الخفيفة والقصائد والموشّحات». وتصفه المطربة سعاد الهاشم، التي غنّت له «بلدي بلدي يا أغلى من ولدي»، بـ«الرجل المكافح، الذي يتميّز بهدوء طباعه، وحرصه على علاقات وطيدة مع جميع الزملاء».