خالد صاغيّةفي تصريح ينمّ عن دقّة شديدة في الملاحظة، رأى النائب سيرج طورسركيسيان أنّ أموراً عديدة تحصل على الساحة اللبنانية في ما يتعلق بموضوع السكن لغير اللبنانيين. أمور تزعج نائب الأمّة. فقد «خصّصت الدول الغربيّة مبالغ هائلة» لإعادة إعمار نهر البارد! لكن، حتّى لا يُفسَّر موقف سعادة النائب خطأً، أوضح أنّه كان يطالب دائماً بحياة كريمة لـ«إخوتنا الفلسطينيّين».
إذاً، ما المزعج في الأمر؟ إنّها المؤامرة على «المجتمع المسيحي». فصاحب الملاحظة الدقيقة أعلاه، لاحظ أيضاً أنّ «السفارة الكنديّة تسهّل على أيّ لبناني السفر إلى الخارج». وقد قادت هاتان الملاحظتان النبيهتان إلى استنتاج لا يقلّ ذكاءً، وهو أنّ ثمّة «نوعاً من التواطؤ الخفيّ من ناحية إسكان عدد من غير اللبنانيّين، ومن ناحية تسهيل سفر اللبنانيّين إلى الخارج».
أمام هذا الاستنتاج، كان لا بدّ للسيّد سيرج من تقديم حلّ. فاقترح نائب الأمّة أن تساهم السفارة الكنديّة «في تسفير عدد معيّن من الإخوان الفلسطينيّين إلى كندا»، بدلاً من تسفير اللبنانيّين.
وبهذا الاقتراح الفذّ، يزول التناقض الظاهري في موقف النائب السياديّ. فالسيّد سيرج يريد حقاً حياة كريمة لـ«إخوته» الفلسطينيّين، لكنّه يريد لهم هذه الحياة الكريمة خارج لبنان!
يحدث كلّ ذلك بعدما قام الجيش اللبناني بتدمير مخيّم نهر البارد بحثاً عن رجل يُدعى شاكر العبسي. هل كان المطلوب تدمير المخيّم على رؤوس المدنيّين كي يطمئنّ نائب الأمّة إلى أحوال هجرة المسيحيّين؟