علي زراقط«أني» تعني «أنا» بلهجة جنوب لبنان. وهو عنوان الوثائقي الذي أخرجته زينة دكاش، وعُرض أخيراً في مسرح «دوار الشمس»، وعلى بعض الشاشات اللبنانية في ذكرى عدوان تموز. يُعنى هذا الوثائقي أولاً وأخيراً بحرب تموز. صحيح أنّه ليس الفيديو الأول الذي يتناول هذا الموضوع، إلا أنّ دكاش وعدتنا بالجديد: تريدنا شهوداً على تقنيّة جديدة هي جلسات العلاج بالدراما التي نظّمتها مباشرةً بعد الحرب. وهذا هو الجديد الذي سننتظره طوال الفيلم.
يقوم الفيديو على جزءين. الأول توثيق للحرب، من خلال الأرشيف المأخوذ عن التلفزيونات. وهدفه إظهار الضغط النفسي الذي تعرضت له نساء الجنوب من جراء القصف والدمار والموت. ثم ننتقل إلى مشاهد لبيروت 2007. تأتي العاصمة اللبنانية في مقام الجملة الاعتراضية، حيث تظهر دكاش للمرة الأولى، لتتكلم عن بيروت وعن مدينة ما زالت تعيش الكثير من الأزمات. ثم تنطلق بالسيارة نحو الجنوب.
طريق الجنوب في 2007: هذا المقطع المؤلف من دقيقة أو دقيقتين هو الأفضل في الـ24 دقيقة. إذ نقع على مقارنات مباشرة بين حال طريق الجنوب في 2007، وما كانت عليه مباشرة بعد العدوان الإسرائيلي في تموز 2006. هذا الجانب البصري، يبدو حياً، وحيوياً في مباشرته، وفي اقتراحه مقارنة بين زمنين. تلعب هذه الفقرة دور صلة الوصل بين الجزءين، الزمنين.
الجزء الثاني، يبدأ عندما تصل دكاش إلى قريتي زبقين وصديقين، حيث عملت مع مجموعة من النساء. تجري مقابلات معهن حيث يتحدثن عن استفادتهن من النشاط الذي حضرنه منذ سبعة أشهر. ينتهي الجزء الثاني عندما تودع دكاش النساء، بعد أن تشك معهن التبغ. ينتهي الفيديو، وما زلنا ننتظر الوعد بمشاهدة جلسات العلاج بالدراما، أو على الأقل حديثاً عن هذه التقنية. إلا أنّ شيئاً من هذا لا يحدث.
لنعد ترميم القصة الآن: زينة دكاش امرأة من بيروت. شاهدت المجازر ومشاهد القتل وتفجّع النساء على التلفاز، علماً بأن إشارات التلفزيونات ظاهرة في الفيديو. زارت الجنوب في المرة الأولى عام 2006 بعد الحرب مباشرة، ثم زارته عام 2007. وها هي تقارن بين الزيارتين، إذ بدت النساء مكتئبات في المرة الأولى، ولعل الدور الذي لعبته ساهم في تحسين الأوضاع. وهن اليوم أفضل حالاً، وعلى صداقة معها. الموضوع إذاً هو تجربة دكاش نفسها خلال سنة، وعلاقتها اللطيفة بأهل الجنوب الذين يلفظون كلمة «أنا» كالآتي: «أني».
«أني» هنا لا تعني النساء الجنوبيات، بل تختصر نظرة هذه الفنانة والناشطة الاجتماعيّة، وتجربتها الجنوبية التي أثّرت على «أنا» دكاش فصارت «أني».