... وأخيراً فعلتها السفارة الإسرائيلية وعرضت الفيلم الإسرائيلي «زيارة الفرقة الموسيقية» في فندق «فور سيزونز» المطلّ على كورنيش النيل. أُحيط العرض الذي أقيم أخيراً بحراسة مشددة، وإجراءات أمنية غير مسبوقة، على رغم أن أي ردود فعل متشددة لم تكن متوقعة. لكن السفارة اتخذت ما يتطلبه الموقف من احتياطات، فالحدث ليس عادياً: إنه العرض الخاص لفيلم إسرائيلي في مصر، والعرض الأول لفيلم سينمائي في القاهرة، بعيداً من صالات السينما المنتشرة في جميع أنحاء العاصمة. تفاصيل الاتفاق بين السفارة والفندق الشهير لم تعلن، لكن الجديد هو مخاطرة الفندق (يملكه الوليد بن طلال)، بعرض فيلم إسرائيلي، مهما كان مضمونه، فيما معظم نزلائه من العرب. وُجِّهت الدعوات إلى 200 مثقف وصحافي وفنان مصري، اختيروا بعناية بكل تأكيد. وفيما لم يعرف عدد المصريين الذين حضروا العرض، أكد الكاتب علي سالم أن ثلث الحاضرين كانوا مصريين، وأنّه من بينهم، إضافة إلى الكاتب أنيس منصور. سالم كعادته فنّد الاعتراضات ضدّ الفيلم، معيداً القضية إلى نقطة الصفر: «ما هو التطبيع؟»، على اعتبار أن نقاداً مصريين شاهدوا الشريط في مهرجانات أخرى، وأن الاطلاع على مضمون الصورة التي يقدمها، لا يُعدّ تطبيعاً! من جهته، أعرب مخرج الفيلم عيران كوليرن عن سعادته لأن عمله وصل إلى القاهرة «التي تعلّم الكثير من فنونها»، محترماً في الوقت نفسه رفض الغالبية مشاهدة أفلام إسرائيلية. أما «زيارة الفرقة الموسيقية»، فكما بات معروفاً، يدور حول فرقة موسيقيّة مصريّة تصل إلى إسرائيل بعد توقيع اتفاقية السلام لإقامة حفلة هناك. لكن أعضاء الفرقة يضلّون الطريق ليجدوا أنفسهم في مدينة إسرائيلية صغيرة، حيث يقيمون لفترة مع سكانها، وتنشأ علاقة عاطفية بين أحد أعضاء الفرقة وإحدى الفتيات الإسرئيليات. وكالعادة، قدم المخرج المدينة بسكانها وضيوفهم كأنها معزولة عما يجري حولها، من دون مراعاة لما خلّفته تلك الدولة من حروب وضحايا طيلة ستّين عاماً.