نوال العليحملت لوحات المعرض الـ40 عناوين تشرح فحواها، معلنةً الطريق التوثيقي الذي يسلكه الفنان: «عجنة الحنّا»، «حنّا العروس»، «وصول العروس إلى بيت العريس وتقديم وجبة العشاء» و«رقصة الصبايا» ثم «خشّة الدار» فـ«صبحيّة العروس». ومن خلال هذه العناوين، يؤرخ مسلّم لطقوس العرس الفلسطيني، حتى إنّه يستخدم الكتابة في اللوحة، فيدوّن الأغاني الشعبية الفلسطينية في كلّ مناسبة.
قد توحي مواضيع اللوحات بالبساطة والعفوية، لكنّ هناك دقة متناهية وتخطيطاً مسبقاً للمشهد في أعمال مسلّم الذي بدأ الرسم في سن الأربعين. في «زي بئر السبع»، تظهر ثياب النساء التقليدية الفلسطينية وتطريزاتها، كأنّ الفنان ينسجها بالتشكيل. كما تظهر الخطوط الصغيرة في الزي الشعبي الفلسطيني، مرسومةً بالألوان الحارّة، البرتقالي والأحمر والأصفر، كما الأخضر الحاضر بكثافة.
يولي الفنان أهميّةً لكل تفصيل مهما كان حجمه. الدقة المدهشة في ملامح الوجه، كحل العيون، خطوط الشفاه، حجم الأنف، الحلى من أقراط وعقود وأساور فضية وذهبية. كل هذه المنمنمات تضفي القيمة التعبيرية لهذا النوع من الفنّ. كما أنّها تبّث الحياة والبعد الإنساني في الشخصيات، كأنها تنظر مباشرةً إلى التلقي.
لا يرسم مسلّم الحزن أبداً، بل الفرح الجماعي، وحالات العشق المسروقة بعيداً عن عيون الأهل، أو الشوق مثلما هي لوحات «مناجاة» أو «حوار وعتاب» أو «انتظار» أو «فتاة تغزل الصوف».
هكذا، يقوم الفنّان الناجي وأهله من مذبحة الدوايمة الشهيرة (1948)، بتأريخ القضية الفلسطينية الآن، من خلال الاحتفاظ بالتقاليد الشعبية في صور لونية وبصرية، وهو بذلك يشاطرها مع الجميع. فمنذ عام 1978، حين أقام معرضه الأول في ليبيا، تنقّل الفنان بهذه الحكايات، من بيروت إلى النرويج ثم فنلندا، فالدنمارك وسويسرا. يعيد حياكة الثوب الفلسطيني المفقود الذي لم تتوقف الذاكرة عن استعادته.