وائل عبد الفتاح«ارتفع الأدرينالين»، قالت ماريان خوري، رداً على سؤال عن أحوالها، قبل أن تسافر مع يوسف شاهين للعلاج في باريس التي عادت منها قبل أيّام. الأدرينالين مرتفع دائماً عندها... فهي مدمنة مغامرات، رغم أنّها منتجة (قبل قفزاتها في الإخراج) والمال في السينما جبان بطبيعته. لكنها مجنونة حتى لعائلتها السينمائية. هل هناك عاقل واحد يفتتح في قلب القاهرة قاعة لعرض أفلام خارج سيطرة هوليوود. لكنّ ماريان فعلتها وأصبحت «سينمانيا» واقعاً في قلب أكبر «مول» في القاهرة. رغم أنّ والدها «ملك التوزيع»، لكنّه رسم مسار حياتها بعيداً عن السينما. كان يخاف من خالها ويقول لها: «خالك مجنون. أوعى تشتغلي معاه». ورغم أنّ خالها يوسف شاهين أشهر مخرج في السينما العربية، إلا أنّه «عبقري لا يصلح للسوق» حسب والدها الخبير بصناعة السينما. تلك المهنة المتعبة التي يتصارع فيها البيزنس مع الفن، أي الوالد مع الخال. وجدت ماريان نفسها تهرب من البيت إلى مكتب يوسف شاهين في الزمالك، رغم أنها كانت تدرس الاقتصاد والعلوم السياسية، وقد حصلت لاحقاً على ماجستير في الاقتصاد من «أوكسفورد» (1982).
الهروب إلى يوسف شاهين كان مغامرة عابرة كما ظنت ماريان وهي تتخذ قرارها: العمل في البنوك. اندمجت في عالمها المالي، تحركها رغبة غير واعية بالهروب من مصير الأب: منتج السينما المرهق من عالم الفن بتعقيداته، والمنفي من القاهرة إلى بيروت بعد تأميم ثروته (1963 ــــ 1972). تغريبة أخرى دفعت ماريان إلى البحث عن عالم مستقر بعيداً عن صدمات الفن والسياسة. لكنها لم تشعر بالاستقرار. نادتها المغامرة، فدخلتها من بوابة حذرة: الإنتاج. عملت في مهنة أبيها بأسلوب خالها. مرة أخرى، ثنائية الأب المرهق والخال المنفلت. أول تجربة إنتاج كبير مع يوسف شاهين في «وداعاً بونابرت». هكذا، نست عالم البنوك لتتنقل بين «اليوم السادس» و«إسكندرية كمان وكمان»، ثم تترك يوسف شاهين لتطير مع يسري نصر الله (سرقات صيفية)، وأسماء البكري (شحاذون ونبلاء)، وصولاً إلى أجيال لاحقة: خالد يوسف (العاصفة) وعاطف حتاتة (الأبواب المغلقة) ورضوان الكاشف (عرق البلح).
ورغم أنّ ماريان مرتبطة عضوياً بتلاميذ «جو»، إلا أنّ اختيارها يعتمد على كيمياء خاصة تجعلها تجمع يسري نصر الله ورضوان الكاشف لأنّهما يتمتعان بالشغف. إنّه السر الذي يدفعها للعمل، فهي تسير خلف نداء عاطفي يجعلها «منتجة فاشلة» بمعايير السوق.