غزة | لم يعد الغزّيون يستغربون أبلستهم في الإعلام المصري الذي يفتح هواءه لحفلات تقريع أهل القطاع وتهديدهم. هكذا، سطع نجم المذيعين المثيرين للجدل أحمد موسى وتوفيق عكاشة اللذين أسّسا مع نجوم الـ «توك شو» الآخرين مدرسةً في حبك الفريات الإعلامية ضد القطاع. ويبدو أن هذه المدرسة صارت تستهوي الإعلام غير المنضوي تحت المظلة المصرية. ها هي «سكاي نيوز عربية» تنضم أخيراً إلى جوقة التحريض.
استلهمت القناة التي تبث من أبوظبي فرياتها الأخيرة بحقّ القطاع من واقع علاقات الإمارات القوية بالنظام المصري وبالرئيس عبد الفتاح السيسي. كما يتقاطع الطرفان في خصومتهما لجماعة الإخوان التي تندرج «حماس» ضمن عباءتها الإيديولوجية. هكذا، اختلقت «سكاي نيوز عربية» أول من أمس خبراً يفيد بـ»رفع درجة التأهب في شمال سيناء بعد تسلّل عناصر من «جيش الإسلام» من قطاع غزّة إلى سيناء»، مستندةً في ذلك إلى ما أسمتها «مصادر سيادية مصرية».
تلفيق خبرين كاذبين
مرتبطين بالقطاع

ورغم أنّ دحض هذه الرواية لا يستأهل كثيراً من التنقيب، بما أنّ مصر ما زالت تخنق الغزيين بسدّها منفذهم الوحيد نحو العالم وتدميرها الأنفاق الأرضية، إلا أنّ وسائل الإعلام المصرية والخليجية راحت تجترح الأسطوانات المشروخة عينها من قبيل «غزّة تصدّر الإرهاب» و»حماس تقتل عناصر الجيش المصري». حتى أن صحيفة «النهار» اللبنانية نقلت الخبر عن المحطة بلا التأكد من صدقيته. اللافت أن «سكاي نيوز عربية» تمكّنت في أسبوع واحد من تلفيق خبرين كاذبين عن القطاع. أعلنت قبل أيام «مقتل القائد في كتائب القسام عبد الإله قشطة في قصف جوي للجيش المصري على معاقل للمسلحين في سيناء». غير أن عائلة قشطة أكّدت أن «ابنها غير موجود في الأراضي المصرية، وهو حي يرزق في ليبيا». وعن حقيقة انتساب قشطة إلى «القسام» (حماس)، قالت العائلة إنّ «نجلها كان على خلاف مع «حماس» منذ قرابة عام، ولم يعد عضواً فيها».
هكذا، لم يعد الإعلام المصري وحده مَن يصنع المعجزات بإحياء الأموات وإماتة الأحياء، هو الذي حمّل سابقاً القائد القسامي رائد العطار مسؤولية أحد التفجيرات في سيناء بعد استشهاده في الحرب الأخيرة على غزة. كما أنّه وجه أصابع الاتهام في قضية «سجن وادي النطرون» نحو الأسير القائد حسن سلامة الذي يقبع في سجون الاحتلال منذ 1996، والمحكوم عليه بالسجن المؤبد 48 مرّة لقتله عشرات الصهاينة. هذه المرّة، انتقلت العدوى إلى محطة سوّقت نفسها على أنها تتمتّع بصدقية عالية، بوصفها ثمرة شراكة بين «شركة أبوظبي للاستثمار الإعلامي» وبين «بي سكاي بي» المؤسسة الرائدة في مجال استوديوهات الكابل في بريطانيا.
هذا الاستسهال في الهجوم على غزّة المحاصرة من أكثر من اتجاه لا تمكن قراءته إلا ضمن سياسة إعلامية مشتركة تهدف إلى توفير غطاء سياسي وإعلامي لشرعنة الحصار على القطاع بذريعة «مكافحة الإرهاب»، فيظلّ مصير الغزيين معلّقاً بـ «نبوءة» توفيق عكاشة حول ضرب غزّة بعد ليبيا!