لمن لا يعرف من الجمهور: هناك فضائية تدعى «اللبنانية للإرسال العالمي» تبثُّ من البحرين، وتتوجه إلى مهووسي الرشاقة... فمن يملك هذه القناة؟ أي برامج تقدّم؟ ولماذا تنطلق من الخليج لا من البلد الذي يحمل اسمها؟
راجانا حميّة
بدأت «اللبنانية» بثّها التجريبي قبل 5 أشهر. هذه القناة التي انطلقت من دون أن نعرف بوجودها، ولا نعرف عنها سوى اسمها، تدفعنا إلى التساؤل عن نوعية برامجها، وسبب بثّها من البحرين لا من لبنان؟ وهي تساؤلات تفتح الباب على مصراعيه أمام علامات استفهام أخرى، وخصوصاً عندما تختلف الإجابات بين المؤسّسة الإعلاميّة ومالكها من جهة، والوزارات اللبنانيّة المخوّلة إعطاءها التراخيص للبثّ من الأراضي اللبنانية، من جهة ثانية.
مالك المحطة هو الدكتور نقولا إيماز، «النجم» الأشهر في عالم الأعشاب والريجيم. وقد حرص في فضائيته، التي لم تخرج بعد من إطارها التجريبي، على أن يفرد مساحات لمناقشة مسائل تتعلّق بالجمال والصحّة والموضة، عبر طرح برامج تُعنى بـ«جسد المرأة وفكرها وروحها». فيما تشير مديرة البرامج تانيا الباشا إلى أنّ «اللبنانية» تهدف إلى إيصال رسالة النحافة والصحّة، وفق متمّمات إيماز الغذائيّة.
هذا عن المضمون... ولكن لماذا تنطلق «اللبنانية» من البحرين لا من البلد الذي تحمل اسمه؟ يعزو كميل معلوف، محامي القناة ووكيلها، ذلك في المقام الأوّل إلى الابتعاد عن «وجع الراس» في لبنان. كما يشير إلى سبب ثانٍ هو «احترام البحرين لحياد المحطّة. إذ لا نجبر يومياً على صدّ التهم التي تسعى إلى زجّنا في أحد الخنادق السياسيّة».
إذاً، اختارت «اللبنانية» الهروب، فحققت في لبنان حضوراً خجولاً، يقتصر على بعض الملصقات في الشوارع، وعلى مجموعة من الشباب المتلهّف لإيجاد فرصة عمل. وعلى الرغم من الشرعيّة التي انتزعتها خارج البلد، يواجه طلبها البثّ من لبنان بالرفض، ذلك أنّ القناة لم تحظَ بالترخيص، استناداً إلى شروط قانون البثّ الفضائي رقم 531 الذي يفرض ــــ في حالة «اللبنانيّة» ــــ في أحد بنوده قبول وزارة الصحّة بشرعيّة متمّمات إيماز الغذائيّة، علماً بأن هذه المتمّمات «حائزة لحسن الحظ على شهادة من منظّمة الصحّة العالميّة»، كما يؤكد معلوف.
لكن ماذا لو لم تحظَ «اللبنانية» بالترخيص؟ وماذا لو لم تسعفها شهادة منظّمة الصحّة العالميّة للبثّ من لبنان؟ يكتفي معلوف بالترخيص البحريني، تماماً كما يكتفي بشهادة منظّمة الصحّة العالميّة، «فمن يحظى برضا منظّمة الصحّة العالميّة، ما همّه بلبنان». ثم يشير إلى عامل آخر، هو «اللبكة» في دفتر الشروط اللبنانيّة. فاستئجار قناة فضائيّة في لبنان «يفترض بنا المرور بتدابير كثيرة، ليس أقلّها المرور بشبكة جورة البلّوط».
ذلك أنّ وزارة الاتّصالات هي المخوّلة تأجير الفضائيّة «قنوات لبثّ واستقبال الصورة المرافقة للصوت معاً عبر الأقمار الاصطناعيّة بواسطة المحطّات الأرضيّة العائدة للوزارة»، وفق قانون البثّ الفضائي. غير أنّ الالتزام بهذا القرار، يفرض بدوره على المؤسسّة المعنيّة استيفاء سلسلةٍ من الشروط، منها مثلاً اسم المؤسسة وعنوانها والشخص المسؤول عن البثّ، ودراسة عن المنشأ الأساسي للبث والحصول على موافقة وزير الإعلام المسبقة على البرامج التي ستُنشر... ولكن ما يحدث في حالة «اللبنانيّة» هو أنّ قراراً واحداً قد يعرقل انطلاقتها لبنانياً: قرارٌ صادر عن وزارة الصحة. وهنا يشير المسؤول عن دراسة ملفّات الترخيص للقنوات الفضائيّة في الوزارة، فريد كرم، إلى «أن متمّمات إيماز لم يصدر بها قرار ترخيص من وزير الصحّة، ولذلك ليس لديه أي صنف مرخّص». ولأنّه «لا ترخيص»، فبالتالي لا يحقّ لإيماز اقتناء وسيلة للترويج لمستحضراته في لبنان، وفق ما يشير المراقب الصحّي ومسؤول الشقّ الإعلامي في الوزارة محمّد ياسين. وهنا، يبدو لافتاً حرص الوزارة على عدم إعطائه الترخيص، في وقت يظهر على الشاشات المحلية الترويج لمستحضراته المصنّعة من الأعشاب.
مع وزارة الاتصالات لا يبدو الوضع أفضل. إذ يشير مدير الصيانة والاستثمار في الوزارة، عبد المنعم يوسف، إلى إمكان رفض الطلب «إذا ما أُخذ في الاعتبار قرار وزارة الصحّة... لم ننته من دراسة ملفّها، ولا تزال حتّى الآن شبيهة بغيمة طلعت من البحرين وشَتِّتْ فجأة في لبنان».
أخيراً، تبقى للمجلس الوطني للإعلام حصّة في بتّ أمر الترخيص، وإن كانت تدخّلاته غالباً تتعلّق بالقنوات المحلّية. ولكن من المسؤول عن ترخيص اللبنانيّة وغيرها من القنوات الفضائيّة؟ يجيب رئيس المجلس عبد الهادي محفوظ الذي يرفض فكرة تحويل قرار الترخيص إلى وزارة الاتّصالات: «إذا حصل هذا الأمر، فهو ترخيص مخالف للقانون. ولا يجوز لوزارة الاتّصالات أن تبتّ المسألة، لأنّها مخالفة للقانون».
وسط كل ذلك، يبقى سؤال أخير: هل تفتح «اللبنانية» الطريق أمام أصحاب المتمّمات الغذائيّة ليحذوا حذوها، ويجذبوا المزيد من المستهلكين؟


قناة تحرق السعرات الحراريّة

لا تكترث «اللبنانيّة» لطرح القضايا الراهنة، بل تكتفي بشعار «قناة تحرق السعرات الحراريّة». كما تجهد للترويج لمستحضرات إيماز ضمن برنامج «تنحيف» على طريقة تلفزيون الواقع. وفي انتظار البثّ الفعلي، باشرت بعرض برامج تهدف إلى «تغيير نمط حياة الأشخاص، انطلاقاً من أجسادهم وتفكيرهم، وصولاً إلى أرواحهم». بينها: «هزّ الخصر»، و«مريض بلا مرض»، «كلام بفلوس»، «الجنس علم وثقافة»... إضافة إلى ريبورتاجات عن الصحة والبيئة والجمال. والمقدّمون؟ تعمد القناة إلى تغيير الوجوه مع تغيير البرامج، ما يحتّم على المقدم أن يكون «زائراً لموسمٍ واحد»