هناك قاسم مشترك بين الكثير من الوجوه الشابة التي ظهرت لأول مرة على الشاشة بفضل يوسف شاهين، من هشام سليم إلى خالد النبوي وصولاً إلى أحمد يحيى. الطول والنحول نفسيهما تقريباً، الطريقة العصبية الحادة في الكلام، القوة في نظرة العينين التي لطالما رأى فيها شاهين تعبيراً عن الموهبة الحقيقية لدى الممثل. ثمة خيط واحد يجمعهم، ربما يكون قربهم من الممثل الذي حلم شاهين أن يكونه. فكثيراً ما بُرر هذا الولع باكتشاف النجوم برغبة شاهين الدفينة في أن يصير ممثّلاً. وقد حاول فعلاً دراسة التمثيل في أميركا، لكن شكله وحضوره كانا عائقين أمامه. ألم يقل في لقاء صحافي مرةً «أبحث عن ممثلين أمثّل من خلالهم، ويا ويل الممثّل الذي لا يكون أنا؟». لقد اكتشف هشام سليم في «عودة الابن الضال» منذ أكثر من ثلاثين عاماً، ثم محسن محيي الدين في «اليوم السادس» والثلاثيّة الإسكندرانيّة، وخالد النّبوي في «المهاجر»، وأحمد وفيق ومصطفى شعبان في «سكوت حَنصوّر»، أما هاني سلامة، فقبل أن يسند إليه بطولة «المصير»، أخضعه لامتحان غريب، إذ أمره بأن يستمر في غناء مقطع من أغنية لعبد الحليم، كي يكتشف مقدرته على تجديد الانفعال والتعبير. ومن آخر اكتشافات شاهين، الراقص أحمد يحيى الذي شاهده في باليه «زوربا»، ليصبح بطل «إسكندرية... نيويورك»، ثم خالد صالح ومنّة شلبي في «هي فوضى».
وعبر تاريخه الطويل، كشف المعلّم الراحل عن قدرات نجوم مكرّسين أيضاً، مثل أحمد مظهر، وحسين فهمي، ونور الشريف، ويسرا، وصفية العمري، وشكري سرحان الذي ظل الشاب الرومانسي إلى أن قدمه شاهين في «ابن النيل» ليصبح عنوان الفيلم لقباً له. وهناك طبعاً محمود المليجي الذي تحوّل إلى نجم بعد أدائه شخصيّة محمد أبو سويلم الشهيرة في فيلم «الأرض»، أحد أعظم أفلام السينما العربيّة. وقلّة من القرّاء تعرف أن عمر الشريف نفسه مدين لشاهين بمسيرته. لقد كان صديقه على مقاعد الدراسة في «كليّة فيكتوريا»، وعرض عليه دوره الأول أمام فاتن حمامة في «صراع في الوادي». وهكذا انطلق إلى النجوميّة العالميّة.
أما النجم فريد الأطرش، فقاوم طويلاً هذا المخرج الشاب الذي يريد تغييره... لكنه عاد فاستسلم أمام إرادة شاهين في «إنت حبيبي»، وإذا بالمطرب الصعب المراس يتجدد كممثل مع شاهين. وبعدها بعقود، تولّى إدارة مطرب آخر أمام الكاميرا هو محمد منير في «حدّوتة مصريّة» و«المصير». ثم جاء دور ماجدة الرومي في «عودة الابن الضال»، وأخيراً لطيفة التونسية في «سكوت حنصوّر» الذي ظهرت فيه المغنيّة روبي أيضاً للمرّة الأولى.
كذلك أثّر شاهين في ممثّلين عرفوا بأدوار نمطية، ليقلبهم إلى أبطال كوميديا، مثلما حدث مع حسين رياض، أو يجعل منهم ملوكاً في التراجيديا، مثلما فعل مع محمود المليجي شرير الشاشة، كما ذكرنا أعلاه.