بشير صفيرآلاف المعجبين كانوا على موعدٍ أول من أمس مع ميكا، الظاهرة الحقيقية التي تُطرح تساؤلات عدة حولها. إذ احتاجت جهود مهرجانين عريقين («بعلبك» و«بيت الدين») لبرمجة حفلة واحدة لمغني البوب في وسط بيروت. ميكا جذب جمهوراً استثنائياً بحجمه، وشكّل حالة فريدة لا تضاهيها أي تظاهرة فنية في تاريخ لبنان الحديث. لكن الغريب في المسألة يكمن في وصف صاحب ألبوم وحيد (!) في المجال الموسيقي الأقل تعقيداً (أغنية البوب) بالعبقري! هكذا، استُقبل «العبقري» في المطار وسط تغطية إعلامية قلّ نظيرها، ونُظِّم له مؤتمرٌ صحافيّ في فندق فينيسيا حيث جلس بين ممثلتي المهرجانين، السيدة نورا جنبلاط، والسيدة مي عريضة التي دعت يوماً مايلز دايفس وكارايان وغيرهما من أصحاب الأيادي البيضاء في تطوير البشرية موسيقياً.
أما الحفلة فكانت ناجحة جداً، طغى عليها حضور المراهقين، وكان أداء «ميكا» فيها ممتازاً، فقدم أغاني ألبومه في جو استعراضي تخللته عروض بهلوانية راقصة، وتنوعت التركيبة الموسيقية بين فرقة بوب ـــــ روك وإضافات عليها (رباعي وتريات كلاسيكي)، فيما عرف العرض لحظات جميلة تمثلت خصوصاً في مزاوجة البوب بأجواء الغوسبل الذي أمّنه كورس من الفتيات السود.
«ميكا» فنان ذكي وصاحب صوت جميل وقوي جداً، ويشكل مشروعه الاستعراضي الموسيقي بديلاً مقبولاً ضمن نمط أغنية البوب، إذ يعطيها نكهتها القديمة التي فقدتها في السنوات الأخيرة. لكن هل هذا كافٍ لإحاطته بهالة قد لا يكون هو نفسه موافقاً عليها؟!