محمد عبد الرحمنالتغطية الإعلامية المكثّقة لجنازة يوسف شاهين لم تعكس مكانة الراحل فحسب، بل كشفت خللاً واضحاً في طريقة تعامل الفضائيات العربيّة مع حوادث مماثلة، كما كشفت عن تدنّي المستوى الثقافي عند بعض المراسلين. لكن التعميم غير جائز، ذلك أن الخبرة ساعدت فريق قناة art على نقل الجنازة على الهواء مباشرة، فيما غابت «روتانا سينما» تماماً عن الحدث، ربما تأثّراً بغياب هالة سرحان، العقل المدبّر في مناسبات مماثلة. لكنّ مراسلي القنوات العامة وبعض الوكالات كانوا عبئاً على لحظات الوداع. إذ تعامل معظمهم مع الحدث على أنه فني، لا يختلف كثيراً عن العرض الخاص بفيلم جديد. وبالتالي، لا مانع من طرح السؤال نفسه على عشرات الفنانين، حتى لو كانت الإجابة واحدة. وذلك قد أزعج كثيرين، ما عدا من قرر التزام الصمت منذ البداية، مثل يسرا ومحمود عبد العزيز.
فيما استغل بعض المغمورين اهتمام الفضائيات بهم، ليتحدثوا عن شاهين. هكذا مثلاً، حصلت زيزي مصطفى على فرصة الظهور المتكرر لمجرد أنها والدة بطلة فيلمه الأخير (منة شلبي)، وأجرت غادة إبراهيم أكثر من لقاء لأن مراسلي القنوات يعرفونها. بينما ترك المراسلون مُخرجاً بحجم توفيق صالح لأنهم لم يعرفوا من هو. وحين سأل أحدهم: «مين الراجل أبو شعر أبيض ده»، وعرف اسمه، طرح سؤالاً آخر: «هل هو مهم؟». كأن هؤلاء لم يسمعوا عن توفيق صالح أو حتى لم يشاهدوا فيلم «إسكندرية كمان وكمان» لشاهين، وقد ظهر فيه صالح بشخصيته الحقيقية. وسط كل ذلك، كان الحديث مع نادية لطفي وحسين فهمي وغيرهما، صادقاً، استعادوا فيه لحظات استثنائية جمعتهم بجو.