بشير صفيرلقد باتت ريما خشيش غنيّةً عن التعريف. كبرت ونضجت، ولو أنّنا ما زلنا نراها فتاةً شابة. ربما هي تجمع الصفتين في تجربتها الفنية. فالكبار يرون فيها سيدةً تذكّرهم بزمن سيّدات الغناء، من خلال صوتها وأسلوب أدائها وخياراتها الفنيّة. ويتعزّز هذا الشعور لديهم بسبب إطلالة ريما الأنيقة «الراكزة» في زمن الاستعراض. أمّا الشباب فيراها من رموز جيله، أقله فكريّاً. وهو ينظر إلى تجربتها الفنيّة على أنّها تعكس هواجسه نحو التقدّم والانفتاح (الدقيق والواعي) على الكوزموبوليتية الموسيقية. ونقصد هنا، ما تقوم به الفنانة اللبنانية من جهود في البحث عن روائع من ريبرتوار الأغنية العربية الأصيلة (ومن التراث العالمي أيضاً)، وإعادة قولبتها في إطار جازي عموماً (نسبة إلى موسيقى الجاز) يرى فيه الغرب تجربةً جديدة. بينما يرى فيه الشرق محاولةً عصريةً حافظت على مستوى الأعمال المتناولة لناحية التوزيع الموسيقي، لا العَصرَنَة العشوائية التجارية من طريق إقحام الـ«تِكْنو» على الأغنية العربية الأصيلة (على غرار تجربة سعيد مراد).
أسطوانتها الأولى «أورينت إكسبرس» (2002) حوت تسجيلاً حياً في هولندا، يعود إلى تشرين الثاني (نوفمبر) 2001. وقد رافقها في تلك الحفلة ثلاثي «يوري هونينغ» (وموسيقيَّان عراقيَّان). وهي فرقة تنتمي توجّهاً إلى «المودِرن» جاز الأوروبي. هذا النمط الذي يستمرّ اليوم بجدارة وأمانة، على أيدي «الأسياد»، مكمّلين ما ابتكره «العبيد» في الولايات المتحدة مطلع القرن الماضي.
بعد هذه البداية، تروَّت ريما لتقديم عملٍ أكثر مهنية وجدية إذا جاز التعبير، مع الحفاظ على اللون العام الذي صبغ تجربتها الأولى. «يا لللّي»، ألبوم جميل دلّ على ذائقة فنية عالية عندها، لجهة اختيار ألحان «خالدة»، كانت تنازع لمقاومة النسيان. كما حوى جديداً متفاوت الجمال. من القديم: موشح «لاهٍ تيّاه» (فؤاد عبد المجيد)، «سُليْمى» (نوفل إلياس/ خالد أبو النصر)، «الشيطان» (عبد العزيز أحمد/ سيّد درويش)، وغيرها. ومن الجديد «بساط الريح» (عصام الحاج علي) و«بكفيني» (ربيع مروة).
لكن ماذا عن حفلة الغد؟ «فلك» هو عنوان الأسطوانة الجديدة التي ستكون محور الحفلة، وتحوي: «حرّم النوم» (فؤاد عبد المجيد)، «فلك» (عصام الحاج علي)، «حفلة ترَف» (ربيع مروة)، «الشيّالين» (بديع خيري/ سيّد درويش)، «فُتِنَ الذي» (نور تابت/ فؤاد عبد المجيد)، «كلام الليل» (علي مطر/ عصام الحاج علي)، «مُنيَتي عزّ اصطباري» (نص مجهول/ سيّد درويش)، «شُفت مها» (فؤاد عبد المجيد)، موّال «وَلوّ» (أسعد السّبعلي/ وديع الصافي). ويرافق ريما في الحفلة الثلاثي الهولندي الذي بات رباعيّاً مع عازف الغيتار مارتن فان دِرْ غرينتن، إضافة إلى اللبناني عفيف مرهج (عود).

8:30 مساء غد الجمعة ــــ قاعة «بيار أبو خاطر»، جامعة القديس يوسف، طريق الشام: 03،284715
www.rimakhcheich.com