ميريل ستريب تنتظركم الليلة في «مسرح المدينة»ديفا المسرح اللبناني تعود الليلة بصيغة فرنسيّة من العمل الذي اقتبسه محمد القاسمي عن رواية رشيد الضعيف... وتعدنا ببرنامج حافل للموسم المقبل: فالمغامرة الفريدة التي أطلقتها في «المدينة» صار عمرها خمسة عشر ربيعاً
بيسان طي
تعود {ميريل ستريب} هذا المساء إلى {مسرح المدينة} في بيروت. رواية رشيد الضعيف {تصطفل ميريل ستريب} ــــ كما أعدها محمد القاسمي (مستفيداً من نصوص أخرى للضعيف)، ولبننها إيلي كرم ــــ تعيد تقديمها نضال الأشقر في صيغة جديدة، مع الثنائي ندى بو فرحات وناجي صوراتي. وكانت قد قدمتها للمرة الأولى قبل عامين، مع الممثلة رنا علم الدين والممثل إيلي كرم. المسرح البيروتي يستضيف هذه المسرحية لثلاثة أيام فقط، ينطلق بعدها فريق العمل إلى عاصمة الأنوار، حيث يستضيفه Théâtre du rond point (بين 19 و29 حزيران/ يونيو)، امتداداً لتظاهرة انطلقت من هنا قبل عامين، بعنوان {بيروت ــــ باريس، باريس ــــ بيروت}.
التمارين تكثّفت في الأيام الماضية، وكانت جزءاً من حركة لم تكد تهدأ في هذا المبنى العريق في الحمرا، حيث كانت سينما {سارولا} أحد معالم العصر الذهبي لبيروت السبعينيات. وبعد الفتور الذي شهده المسرح على مستوى البرمجة الخاصة به في الموسم الماضي (علماً بأن مؤسسات ومهرجانات عدّة استفادت منه لحسابها)، يبدو أنّ الورشة ستتكثّف مجدداً في «المدينة». فنضال الأشقر راجعة، وهي تنوي خلال الموسم المقبل (2008 ــــ 2009) تنظيم احتفالية ضخمة لمناسبة بلوغ {مسرح المدينة} عامه الـ15. وفي أيلول (سبتمبر) المقبل، سترتفع {هيصة شعبية} أمام المسرح معلنةً انطلاقة برنامج غني بالأعمال المسرحية والموسيقية والمعارض التشكيلية والفنون المعاصرة.
الهيصة ستكون إيذاناً ببرنامج {الرمضانيات المتنوعة}، وستعود نضال الأشقر بمسرحية {قدام باب السفارة الليل كان طويل}. العمل من فكرتها ومعالجتها، وقد شارك عيسى مخلوف في كتابة العمل. إنّه {ملحمة الهجرة وسقوط الأحلام} كما تصفها الأشقر، وتضيف أنّ هذه المغناة الدراماتيكية الساخرة تعالج حوادث تجري حالياً، {أي إنّها معالجة حديثة في الغناء والرقص، وفيها نوستالجيا لألحان قديمة من لبنان، نعيد تقديمها وتوزيعها وقراءتها في صيغ وقوالب جديدة}.
وستقدّم مسرحية أسامة العارف الجديدة {صعود وهبوط الجنرال فرانكو}، وفي البرنامج المزدحم بالمواعيد والمفاجآت، سيكون الجمهور اللبناني على موعد مع عمل فانيسا ردريغيف Night of magical thinking. تقول الأشقر: {سأطلب من المخرج التونسي محمد إدريس أن يقدّم عملاً، وقد تلقيت وعداً من وزيرة الثقافة المغربية ثريا جبران بأن نتعاون لنقدم أسبوعاً ثقافياً مغربياً}.
على أي حال، وجّهت الأشقر رسالة إلى مئات المبدعين اللبنانيين والعرب ليشاركوا في احتفالية مسرح المدينة. ومن الأسماء التي ستقدم أعمالها المخرج الفلسطيني الشاب شريف عبد النور... وتقدم نائلة الأطرش مسرحية سعد الله ونوس {أحلام شقية}... و{سنطلب من رفيق علي أحمد، ومن ربيع مروة ولينا الصانع أن يقدّموا أعمالاً في المناسبة}. وتطول لائحة نضال الأشقر وطموحاتها، من دون أن تتطرق تفصيلاً إلى إشكاليات تمويل كل هذه النشاطات! تزدحم فيها أسماء الفنانين المخضرمين والشبان، وتتنوّع بين مسرح ورقص وموسيقى وندوات، من بينها ندوة للمعمارية العراقية المشهورة زها حديد. كما ستُقام ندوات يشارك فيها مثقّفون وأدباء وسياسيون واختصاصيون، تتمحور حول فصل الدين عن الدولة، وعن الطائفية، وغير ذلك من المواضيع التي يعاني منها النظام السياسي في لبنان. هذا العيد الثقافي سيُتوَّج {بكتاب فني عن كل الأشياء التي جرت في مسرح المدينة}، وريع مبيعات الكتاب سيقدَّم كجائزة لأفضل مشروع فني ومسرحي شبابي بحيث يقدمه صاحبه عام 2010.
15 عاماً من عمر المدينة ومسرحها... يذكر كثيرون كيف كانت بيروت تنهض من الحرب الأهلية وتبحث عن «وجهة» جديدة لحياتها. تحاول أن تستعيد هويتها في التسعينيات، لتكون مجدداً محجّة للمثقفين العرب الباحثين عن فسحة للحرية والإبداع. المغامرة بدأت في «سينما كليمنصو»، وبعد عقد كامل، رفض المالك الجديد أن يمدد عقد إيجار المسرح. حملت الأشقر وفريقها العدة والعتاد، عبروا شارع الحمرا وصولاً إلى السارولا، فكان {مسرح المدينة} في مقره الجديد عام 2005، ليمتد على مساحة 2000 متر مربع، ويشمل قاعة مسرح تتسع لـ450 متفرجاً، وقاعة أخرى استأجرتها هانية مروّة فصارت سينما {متروبوليس}، ومعرضاً للفنون التشكيلية، وصالتي تدريب، الأولى تحمل اسم {جون ليتلوود} المخرجة المسرحية وأستاذة الأشقر في بريطانيا، والثانية تحمل اسم المسرحي السوري الراحل سعد الله ونوس.
تشدد الأشقر على أنّ {مسرح المدينة} منبر حر يدافع عن حرية التعبير، وهو مساحة مفتوحة للمبدعين مهما تنوّعت آراؤهم. وتقرّ بأن بعض الأعمال أو المهرجانات التي يستضيفها المسرح لا تتوافق مع آرائها السياسية، وتلفت إلى أنّ {جمعية مسرح المدينة للثقافة والفنون} هي جمعية مدنية لا تتوخى الربح، وأن المسرح الذي لا يتلقّى تمويلاً من مؤسسات أجنبية، بل دعماًَ من لبنانيين وعرب، هو منبر حر مدني بامتياز، مفتوح على كل الاحتمالات الإبداعية من دون أي رقابة. الشرط الوحيد للعرض هو أن يكون العمل {جيداً جداً بل رائعاً}. لكن تلك مسألة أخرى... لنبدأ الليلة من ميريل ستريب...


{تصطفل ميريل ستريب} ــــ 8:30 مساء اليوم وغداً وبعد غد الجمعة ــــ مسرح {المدينة}، الحمرا: 01،753010


رشيد الضعيف مع الحريّة المطلقة

Qu’elle aille au diable Meryl Streepفلتذهب ميريل ستريب إلى الجحيم»! العنوان الفرنسي لرواية رشيد الضعيف، يبدو أكثر حدّة... ونبرة الاحتجاج أعلى. المسرحية التي تعرض هذا الشهر في باريس، بدأ الاحتفاء بها بدء قبل شهور، إذ خصصت لها مجلّة «أفان سان» العريقة L’avant - scène théâtre، غلاف عددها الصادر في 15 آذار/ مارس الماضي.
إنه أيضاً احتفاء بالرواية وبكاتبها وبفريق العمل المسرحي، إذ تنشر المجلة ترجمة فرنسية للنص المسرحي، كما أعدّه الشاعر الجزائري محمد القاسمي، مع تعريف بكل أفراد فريق العمل بنسختيه العربية والفرنسية. نقرأ في العدد لمحات عن الضعيف والأشقر، والممثلين ندى بو فرحات وإيلي كرم وناجي صوراتي ورنا علم الدين، وعن الشاعر الجزائري محمد قاسمي الذي كتب النص. وتنشر المجلة صوراً من العرض المسرحي لكرم وعلم الدين. كما أجرت المجلّة حوارات ومقابلات مع الضعيف وقاسمي والأشقر.
محاورة الضعيف أرادت أن تركز على بعض «الكليشيهات»، أو لنقل إن أسئلتها لم تخرج عن النظرة التقليدية للرجال والنساء العرب... لكن الروائي المشاكس أخذ الحوار نحو مسارات أخرى، مبتعداً عن الصورة النمطية المهيمنة. لقد رفض صاحب «عزيزي السيّد كواباتا» أن يجيب عن الأسئلة كأنّه باحث اجتماعي، تاركاً لمحاورته ولقرّائه مهمّة التفسير والتأويل والتحليل السوسيولوجي. وعندما سئل «هل ترغب بأن يحافظ العمل المسرحي على الأسلوب الروائي لعملك؟» أجاب: «الأمر عندي سيّان. الرواية ليست نصاً دينياً، أنا مع الحرية المطلقة ما دام العمل المسرحي يحترم جو الرواية وفكرتها».