أحمد الزعتريلدى التجوّل في المعرض، الذي يستمر حتى 30 من الشهر الحالي، تمكن ملاحظة «بورتريهات» لأجساد ذات رؤوس مبتورة، خلال حركتها أو سكونها، أو ممارسة عاداتها اليومية كمشاهدة مسلسل تلفزيوني. بينما تعبّر لوحات أخرى عن حديث حميم بين اثنين، أو جلسة خافتة على كرسي، أو مشهد لطقس عائلي باهت في العيد.
بدأتْ فكرة المشروع مصادفةً. بعد اجتماعات بين حجاوي ومجموعة من الأشخاص، أثناء زيارتها بلجيكا، بدأت ترسم بعضهم بصورة عفوية، تلتقط حركة الجسد وإيحاءاته، تخطط اسكيتشاتها في دقيقتين، يكون أثناءها «الشخص» موضوع اللوحة غير مدرك لما تفعله الفنانة، كي تظل الحميمية المبثوثة من خلال تحرك الجسد وملئه للفراغ وعلاقته به مسترسلةً في عفويتها. وللتفلّت من تلك الحميمية التي تفرضها الرسومات الأوّلية التي بدأت بها حجاوي، عمدَتْ إلى تكبيرها بواسطة الشاشة الحريرية حتى تصبح اللوحات بمثابة مواجهة خافتة مع تهميش الجسد.
ترتكز حجاوي في معالجتها الفنية لعلاقة الجسد بمحيطه، على إغفال الإنسان المعاصر لأهمية الجسد في تكوين الشخصية. تشي أعمالها بهوس بالأيدي والأقدام، لكن من دون صرامة متعمّدة، أسلوبها لا يعرّي الجسّد بل ينقل الصورة كما هي بتلقائية.
الأزرق كان مهيمناً على الأعمال. لكن اختيار حجاوي للألوان يعتمد على الشخصية المرسومة ومحيطها. فالخطوط والألوان المستخدمة مثلاً في لوحة لجلسة عائلية تشي بالعلاقة الباهتة والسلطوية من خلال حركات الجسم المائلة بعيداً عن الآخر وتصلّب الأرجل والأيدي، حركات تفضح عزلة الشخص واعتراضه على الجو المحيط به، كما يضيف اللون الأخضر الزيتي المستخدم في الخطوط وأجزاء من الخلفية حسّاً سلبياً على المحيط..
وإذ تسأل الفنانة «أين الوجوه؟».. تجيب «أصبحنا ممثّلين»، إذ ترى أنّ مكنونات الشخصية الحقيقية سقطت عن الوجه لتصبح في الجسد وحركاته.
تتحرك الفنانة (1976) في مجمل مشاريعها ضمن أفكار تتناول علاقة الفرد بمحيطه من منطلق مفاهيم اجتماعية وسياسية ودينية. حجاوي، الأستاذة في الفنون البصرية، والحاصلة على درجة الماجستير في الفنون الجميلة من لندن، أقامت معرضاً عام 2005 في لندن رصدت فيه علاقة المرأة بجسدها. وتعمل منذ عامين على موضوع الذاكرة الفلسطينية من خلال تقصّي الذاكرة الوصفية للاجئين، وهي ذاكرة «لم تعشها» وشَعَرَتْ بالانتماء إليها من بعد.

«بورتريه»: حتى 30 حزيران (يونيو) الحالي ـــــ غاليري «مكان»، عمّان: +
962777334600 www.makanhouse
.net