صباح أيوبوبدأ المؤتمر أعماله بعد مداخلة مطوّلة لنبيلة حمزة عن «مؤسسة من أجل المستقبل» ونشاطاتها التمويليّة في لبنان وفلسطين والأردن ومصر والمغرب. الجلسة الأولى كانت... تاريخية. إذ نادراً ما يجتمع إلى منصّة واحدة في بلد عربي مبدعون من مختلف الأقطار، ليتناولوا في مناخ من الحريّة تجاربهم المضنية مع القمع. فالروائي المصري صنع الله إبراهيم شرح كيف تعلّم خلال 40 سنة «أن يتحايل على الرقابة، لكنه مع ذلك لم يفلت من سيفها» إذ صودرت روايته «تلك الرائحة». كما نبّه إلى اتساع رقعة الجهات المخوّلة بالمصادرة في مصر: الأزهر، الجيش، وزارة الداخلية، مجلس الشعب... أما فرج بيرقدار، الشاعر السوري الذي يعيش في منفاه السويدي، ومواطنه السينمائي أسامة محمد، فقد استخدما لغة الإبداع (الشعر للأول، والسيناريو للثاني) للتحدث عن ظروف عملهم في ظلّ الرقابة المشدّدة.
ولعلّ «نجم الجلسة» كان المسرحي اللبناني روجيه عساف الذي قارب الواقع اللبناني «الفريد»، بكل صراحة وواقعية، متحدثاً عن الفرق بين «حرية التعبير والتعبير عن الحرية». بدا مؤسس «الحكواتي» فاقد الأمل باللبنانيين «الذين تراجعت لديهم كثيراً شهوة البحث عن الحرية، بعد أن تسيّست شعاراتهم، ولم تفلح تظاهراتهم في تغيير المشكلة الأساسية في لبنان: ألا وهي الانقسام الطائفي». وأبدى أسفه على المجموعات المستقلّة التي لم تعطَ فرصة للمشاركة في بناء الدولة.
في اليوم التالي، ضجّت القاعة بأصحاب المدوّنات الشباب، فتغيّرت اللغة لتعبّر عن هواجس «رقمية»، وملاحقات حتى في العالم الخيالي... تضاربت آراء المشاركين، بين متفائل بفعالية الشبكة كأداة عصيّة على القمع، ومن نعاها وضمّها إلى مثيلاتها من وسائل الإعلام الخاضعة والمقموعة. وبحثت الجلسة الثانية في العلاقة بين السلطة والصحافة، وفي آليات الدفاع عن الحريات الصحافية. عدّد المشاركون الوسائل التي تستخدمها السلطات لقمع الصحافيين، وركّزوا على ضرورة الدفاع عن الصحافة كمهنة، وكجسم صحافي، مجمعين على أن «خلاص الصحافة يكون باقترابها أكثر من الناس وهواجسهم، وبابتعادها عن السياسة والتسييس».
أما روبير مينار («مراسلون بلا حدود») وكريستينا ستوكوود (IFEX)، فقالا إنهما يعلّقان آمالاً كبيرة على تأسيس «سكايز»، وخصوصاً أنه ينطلق من لبنان. وختم المؤتمر بجلسة عن الإعلام الفضائي، وإشكالية الحريات في ظلّ هذا العالم المفتوح.