شرف فتح الباب» و«هيما» على «المستقبل»، «في أيدٍ أمينة» على «دبي»، و«بنت من الزمن ده» و«راجل وست ستّات» على «أبو ظبي»... الفضائيات الخاصة بدأت باكراً التسلّح لـ«حرب» رمضان: فطفرة القنوات المتخصّصة بالدراما قلبت مقاييس السوق، والجميع يريد الفوز في معركة المسلسلات الكبرى!
محمد عبد الرحمن

عامٌ واحدٌ فقط شهد الكثير من التحوّلات الجذرية في سوق الفضائيات المتخصّصة بالدراما. منذ تطوير شاشة «النيل للدراما» الأرضية في رمضان 2007 وحتى رمضان 2008، خرجت إلى الفضاء قنوات «بانوراما دراما» و«أوسكار دراما» و«الحياة مسلسلات» و«هنيبعل الشرق». وفيما تحاول القنوات المشفّرة الصمود أمام هذا الطوفان من القنوات المفتوحة، يبدو أن الأسابيع التي ستسبق موسم المواسم، ستشهد صراعاً حامي الوطيس، عبر استخدام جميع الوسائل، للاستحواذ على أكبر قدر من المشاهدين في رمضان المقبل.
وهي المرة الأولى التي يتم فيها تسويق نسبة كبيرة من الإنتاج المصري، قبل حلول رمضان بثلاثة أشهر. والمسألة لا تتعلق فقط بدخول القنوات الجديدة إلى المزاد، أو دخول المنافسة عبر قدرة شرائية لا تختلف كثيراً عن القنوات الخليجية. لكن المحطات القديمة أيضاً، رأت ضرورة في عدم الانتظار، وضمان شراء المسلسلات المناسبة لشاشاتها، قبل رفع الأسعار وتبدل الظروف. وها هي شاشات عدة، تعلن من اليوم، عن أعمال رمضان: هكذا، اشترت «المستقبل» مسلسلي «شرف فتح الباب» ليحيى الفخراني و«هيما» لأحمد رزق، وفازت «الراي» بـ«شرف فتح الباب» و«ظل المحارب». فيما اشترت «دبي» مسلسل «في أيد أمينة» ليسرا، واختارت «أبو ظبي» كلاً من «كلمة حق» و«بنت من الزمن ده» و«راجل وست ستات». أما «دريم»، فاشترت أربعة مسلسلات هي: «في أيدٍ أمينة»، «رمانة ميزان» لبوسي، «بنت من الزمن ده» لداليا البحيري و«أسمهان» لسلاف فواخرجي. أي أن هذا الأخير لن يكون حصرياً على «أم بي سي»، كما تردد.
أما «الحياة مسلسلات»، فقد انتقت حتى الآن ستة أعمال مصرية جديدة، أبرزها «هيما» و«نسيم الروح» و«شرف فتح الباب» و«عدّى النهار». ويُحتمل أن تشتري أعمالاً أخرى، قد تصل إلى أربعة ـــــ فضلاً عن تقديم المسلسلات الكوميدية الغزيرة هذا العام.
وإذا كانت القنوات العامة القديمة تعتمد على جمهورها وتعلن عن مفاجآتها باكراً، كما تفعل «دبي» و«الراي»، مقيمة حفلات ترويجية قبل رمضان بثلاثة أشهر، فإن دخول الفضائيات الجديدة بدّل كثيراً من شروط اللعبة.
هكذا يتردد أن art مثلاً، عندما توافق على شراء مسلسل لعرضه مشفّراً في رمضان، تشترط على الشركة المنتجة عدم بيعه إلى فضائية «بانوراما دراما» على اعتبار أنها أولى القنوات المفتوحة المنافسة، وخصوصاً أنها جذبت جمهوراً عريضاً في الفترة الأخيرة. وذلك على رغم عدم عرض «بانوراما دراما» لمسلسلات حديثة إلا «يتربّى في عزّو» و«عفريت القرش». وتؤكد تسريبات أن هذه القناة التي ظهرت فجأة، تحضّرُ لانقلاب في رمضان المقبل، لضمان استمرارها في السباق بعد نهاية شهر رمضان. وأبرز ملامح هذا الانقلاب تظهر في إطلاق محطة أخرى قريباً تحمل اسم «بانوراما 2»، من دون التسرّع في الإعلان عن أي تفاصيل عنها، ولا حتى خريطة برامجها في رمضان المقبل. بالتالي، أحسّت شبكة مشفّرة مثل art بالخطر، بسبب عدم شرائها لمسلسلات حصرية توفيراً للنفقات. إضافة إلى أنها تخشى من نجاح القناة المفتوحة، ما قد يهدد فكرة الاشتراك مقابل الدفع مقدماً. وخصوصاً أن «إيه آر تي» كانت تجمع على شاشتها، أكبر قدر من المسلسلات، حتى لو كان بعضها يعرض على شاشات عامة مفتوحة. لكن «بانوراما دراما» وبعدها «الحياة مسلسلات» و«أوسكار دراما» و«هنيبعل الشرق» بدّلت الصورة تماماً، وهو ما ينعكس سلباً أيضاً على قناة المسلسلات «سين» التابعة لشبكة «أوربت».
غير أن الصراع لم يعد محصوراً فقط بين المشفّر والمفتوح، فهناك حرب باتت معلنة بين «الحياة مسلسلات» و«بانوراما دراما». ذلك أن الأخيرة بدّلت كل خرائط برامجها، لدرجة عدم استكمال بعض المسلسلات مطلع شهر حزيران (يونيو) الجاري. ما دفع بـ«الحياة مسلسلات» (الأحدث) أن تردّ بالمثل، وترفض الإعلان عن قائمة مسلسلات تموز (يوليو) قبل وقت، تفادياً لتسريب أسماء أعمالها إلى القنوات المنافسة.
كذلك تسعى قناة «الحياة» لأن تكون في مواقع تصوير المسلسللات التي اشترتها، بغية الحصول على لقطات خاصة تستخدم في لقطات ترويجية لهذه الأعمال. وهو مجهود تسويقي لم تكن القنوات عادة تهتمُّ به قبل اندلاع الحروب الدرامية أخيراً. ذلك أن تقارير الـ«مايكينغ أوف»، انحصرت سابقاً في مجال الأفلام السينمائية فقط. ومن المتوقع أن تدفع حدة المنافسة القنوات المفتوحة والمشفّرة لاستخدام أساليب أكثر ابتكاراً لجذب الجمهور قبل إطلاق مدفع رمضان. والهدف أن يتبنّى المشاهد قناة واحدة ليتابعها باستمرار، وأن يلجأ إلى القنوات العامة فقط إذا أراد استكمال وجبته الدرامية. وتبقى للدراسات والإحصاءات كلمة الحسم مع حلول عيد الفطر... فمن ينتصر في معركة المسلسلات الكبرى؟


الخليج... أولى بالمعروف!

لم يكن الخبر الذي أعلن الشهر الماضي عن اتفاقية التعاون بين التلفزيون المصري وشبكة «روتانا»، سوى دليل قاطع على نجاح خطة رؤوس الأموال الخليجية في السيطرة على الإنتاج السينمائي المصري القديم والحديث. الخطة التي حذّرت منها الصحف المصريـة خلال السنوات العشر الأخيرة، بدأت تؤتي ثمارها، وخصوصاً عندما تغيّرت الأحوال وبــــات التلفزيــــون الرسمــي يلجأ إلى شركة سعودية، ليحصل على حق عرض 300 فيلم مصري، معظمها من إنتاج السنوات الخمس الأخيرة. وكل ذلك، لضخ دماء جديدة في شاشته القديمة، وللحفاظ على القلة الباقية من الجمهور المتمسك بتلفزيون الحكـــومة، ولا سيما أولئك الذين لا يملكون القدرة على شراء صحون لاقطة.
الخطوة نفسها أقدمت عليها قناة «دريم» قبل أيام عندما وقّعت مع شبكة art (السعودية أيضاً) اتفاقية مماثلة، وذلك لمواجهة سطوة قنوات الأفلام المفتوحة مثل «الحياة» التي نجحت في شراء أفلام حديثة، فيما لا تزال «دريم» والقنوات المصرية الأخرى تعرض إنتاجات الثمانينيات والتسعينيات.
لكن الخبر ليس ساراً على طول الخط، فالشركات الخليجية لا تعطي المصريين كل أفلامها. ذلك أن الأفلام التي يتم بيع حقوق عرضها، يجب أن تكون منتجة قبل سنوات، وليست من إنتاجات السنتين الأخيرتين. بمعنى أن ما سيعرض على الجمهور المصري أرضياً أو من خلال «دريم»، أنتج جميعه قبل عام 2006. وليس لكل النجوم أيضاً: أحمد حلمي على سبيل المثال، لن يدخل في الحسابات، لكون أفلامه تدر دخلاً إعلانياً كبيراً لا يمكن التفريط به بسهولة.
على أي حال، وحتى يتم تفعيل تلك الاتفاقات، على الجمهور المصري أن يدرك أنه يشاهد أفلاماً عرضتها القنوات المفتوحة والمشفرة عشرات المرات، وأنها وصلت إليه متأخرة. وذلك لأن المسؤولين ـ عبر سنوات طويلة ـ فرّطوا في ريادة تلفزيون مصر، وامتنعوا عن شراء حقوق العرض مبكراً أو حتى المشاركة في الإنتاج. وهكذا، تركوا الساحة خالية للآخرين، قبل أن يعودوا ليشتروا الأفلام من الشركات الخليجية، مثلما يفعل تلفزيون أي بلد عربي آخر.