strong>كلام الليل يمحوه النهار! عوضاً من أن يدشّن وزراءالإعلام عهداً فضائياً جديداً، عبر تفعيل دور «وثيقة تنظيم البث...»، تحفّظت دول، وأرجئ المشروع، وانتهى اللقاء بجملة توصيات: من مراقبة المحطات... إلى «تعزيز الوحدة»

محمد عبد الرحمن
فيما أجمع وزراء الإعلام العرب ــــ ما عدا قطر ــــ في شباط (فبراير) الماضي على إقرار وثيقة تنظيم البث الفضائي، فشلوا أمس في إطلاق آلية محددة لتنفيذ هذه الوثيقة ومبادئها. ذلك أن دولاً كقطر والإمارات والبحرين أبدت تحفظاً على الوثيقة وعلى آلية تنفيذها، لأن بنودها تفرض قيوداً على حرية التعبير في العالم العربي، وعلى عمل الفضائيات. فيما ارتبط تحفظ الإمارات أيضاً بتعذّر تطبيق الآلية على الفضائيات التي تبث من المناطق الحرة. ويبدو أن موقف دبي المرتبط بالاستثمار الذي ترعاه في هذا المجال، رفع الحرج عن الدوحة التي تنطلق منها قناة «الجزيرة»، صاحبة التاريخ الطويل من الخلافات مع عدد من الأنظمة العربية.
في المقابل، أبدت كل من مصر والجزائر استغرابهما من التحفظات القطرية والإماراتية، وفق «يو بي آي». علماً بأن مصر والسعودية والجزائر تصرُّ على الإسراع بوضع تشريعات جديدة محكمة لمراقبة تنظيم البث الفضائي، قد تتضمن إلغاء تراخيص لمحطات، تبث موادّ تراها هذه الدول سجالية.
ويبدو أن التقارير الصحافية والانتقادات التي سبقت انعقاد مجلس وزراء الإعلام العرب، أمس، في مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة، قد خففت كثيراً من حدة القرارات التي كان من المنتظر اتخاذها لتفعيل دور وثيقة تنظيم البث الفضائي العربي، عبر إطلاق آلية لتطبيق هذه المبادئ التي تهدف أولاً وأخيراً إلى إحكام السيطرة على المشهد الإعلامي العربي.
وبعدما قدمت وفود عدة، بينها السعودية ومصر والجزائر والبحرين، اقتراحات هدفت إلى الحد من «تخطي الفضائيات والإذاعات بعض الخطوط الحمراء في ما يخص السياسات الداخلية للدول العربية» (راجع «الأخبار»، عدد أول من أمس)... خرج بيان وزراء الإعلام ليدعو إلى إنشاء مفوضية عامة للإعلام العربي. مفوضيةٌ، يندرج ضمن مهماتها، مراقبة الفضائيات العربية، والعمل تالياً على تحقيق احترام المبادئ الواردة فى الوثيقة.
من هنا، قررت اللجنة الدائمة للإعلام العربي، تأليف فريق عمل من الخبراء، تكون مهمته اقتراح الآلية المناسبة لتنفيذ وثيقة تنظيم البث الفضائي، على أن يجتمع هؤلاء في الرياض خلال النصف الثاني من العام.
أما أنس الفقي، وزير الإعلام المصري، وهو من أوائل الذين عملوا على إقرار مبادئ تنظيم البث التي تهدف إلى إحكام السيطرة على الفضائيات العربية، فقد أكد أن إقرار الوثيقة، هو «إجراء تأخر كثيراً، وقد سبقنا العالم في إنشاء مثل هذه الآليات الضرورية لتنظيم هذا القطاع»!
وفيما تأجّل مشروع إطلاق آلية تنفيذ الوثيقة، وصدور قرارات حاسمة كانت ستسمح للحكومات بمعاقبة القنوات الفضائية التي تراها مشاكسة، خرج المجتمعون بتوصيات أخرى، لعلّ أبرزها دراسة إنشاء قناة فضائية عربية بلغات مختلفة، تحقيقاً لأهداف خطة التحرك الإعلامي العربي في الخارج. وهو مشروع لو نجح اتحاد إذاعات الدول العربية في تحقيقه، فسيسجل لمصلحة جامعة الدول العربية، على اعتبار أنها حققت «وحدة إعلامية»، بعد فشلها المزمن في تحقيق أي وحدة اقتصادية أو عسكرية.
كذلك طالب المجتمعون بإجراء حصر شامل للمصطلحات الإعلامية المتداولة في مختلف أجهزة الإعلام العربية، إضافة إلى دراسة مدى تأثيرها على القضايا العربية. لذا، دعا هؤلاء إلى تأليف فريق من الخبراء، يجري مراجعة دورية للمصطلحات الإعلامية المتداولة، و«تنقيتها من المصطلحات المشوهة».
الاجتماع طبعاً لم يكتف بهذه التوصيات، بل ذكّر أيضاً بضرورة مساندة القضية الفلسطينية، وخصوصاً في ما يتعلق بملف القدس بعد اختيارها عاصمة ثقافية لعام 2009. كما دعا إلى مواصلة توفير الدعم الإعلامي لكل من سوريا ولبنان والعراق والسودان، وحثّ مؤسسات الإعلام العربية على مواصلة الدعم الإعلامي لحق سوريا فى استعادة أرضها المحتلة، وتسليط الضوء على الجولان المحتل، ودعوة أجهزة الإعلام العربية إلى تقديم الدعم للصومال وجزر القمر.
هكذا إذاً، انتهى اجتماع وزراء الإعلام العرب من حيث بدأ: لا تطبيق لوثيقة تنظيم البث في القريب العاجل، وسلسلة توصيات قد تعزز الوحدة عبر إحكام السيطرة قريباً على جميع الفضائيات العربية!