كاميرا طلال خوري تعانق شعر سامر أبو هوّاش
علي زراقطلا شك في أن الرباعي الموسيقي قد أمتعنا، كذلك استمعنا بلهفة ودهشة لكل من الشاعرين سامر أبو هواش وعباس بيضون. إلا أنّ هذا الزحام في الأمسية صعّب علينا مهمة الوقوع في فخ الفيلم الذي أتينا لمشاهدته.
في فيلمه القصير الثالث الذي يحكي قصة رجل يريد أن يكون محترماً، يحاول طلال خوري أن يمزج بين شعرية بصرية وشعرية كلامية. إلا أنّه يأخذنا إلى مسار آخر يودي بنا إلى تفسير النص بالصورة، والصورة بالكلام. يتكرر المشهد ثلاث مرات. رجل على المرآة يحلق ذقنه، يستمع إلى الأخبار الصباحية، يخرج من المنزل، يصادف فتاة على شرفتها فيبتسم لها، يلتقي بامرأة وابنها ويلقي عليهما التحية. في المرة الأولى يبدو واثقاً ومتفائلاً، في المرة الثانية محبطاً وفاقداً للعزيمة، وفي المرة الثالثة متهالكاً. ويقول النص إنّ الشرط ليكون الرجل محترماً، هو أن «يبكي نصف ساعة». هذا هو بيت القصيد، هو التساؤل عن قدرة الرجل على البكاء لنصف ساعة كل يوم أمام المرآة. فهل يصبح البكاء عادةً يخبّئ فيها الرجل ضعفه وخوفه ووحدته لكي يصير محترماً في نظر الآخرين؟ وإن لم يبكِ فمن الممكن أن يقتل «أحدكم» كما يقول النص الشعري.
يبرهن الفيلم الذي شاهدناه عن مخيلة بصرية عالية لدى مخرجه ذي المراجع الشرق آسيوية. في كادراته الضيقة، حاول أن يرسم لنا عالماً من الوحدة يحيط بالشخصية، فلا تتصل بالعالم الخارجي إلا من خلال الأخبار في التلفاز ونيته المبيتة بأن يكون رجلاً محترماً. إلا أن التلفاز يصل بنا في نهاية الفيلم إلى صورة للجدار العازل، ليرمز مباشرة إلى انسداد طريقه الوحيد للاتصال بالعالم. وفي مكان آخر يحيلنا التكرار إلى سينما وونغ كار واي، كذلك هي الكادرات الضيقة ذات الخلفية الممسوحة. يبدو خوري متأثراً إلى حد بعيد بالسينمائي الصيني، إذ نجح تقنياً في الاستيحاء من لقطاته، إلا أنه لم يجد التعامل مع تقنية السرد من خلال التكرار. فبدا التكرار تفسيراً حرفياً للنص، وضعيفاً في البنية والمفردات السينمائية أمام قوة القصيدة ومفرداتها الكلامية. فما كان من المخرج إلا أنّه اضطر أن يفسر المشهد بالكلام (القصيدة).